التشكيلي معتوق أبوراوي
تشكيل

معتوق أبوراوي “اللوحات الغرناطيه”

ثمة عالم خفي ,عالم مخيف ومدهش أيضا ,عالم نحمله ولا يحملنا ,يسكننا ولا نسكنه, عالم يموج ويتحول , يتشكل ويتشظى ويتشكل من جديد ,نحسه ولا ندركه تأخذنا تفاصيل المرئي عنه ,ولكنه يسكن أحلامنا ,لتصبح عالمه وعالمنا الخفيين,يسكنه الصوفيون والملائكة والشياطين ,تسكنه العناصر ويعيد تشكيلها وتشكيلنا , ثيران ونساء وذئاب ,ماء وزيت وسفن نوح التي لا تبلغ “الجودي “وفيها من كل زوجين اثنين يبحثان عن مرفأ وسكينة…

التشكيلي معتوق أبوراوي
التشكيلي معتوق أبوراوي.

هناك في ذلك العالم الخفي تعيد الدراما الانسانية نفسها كل لحظة من زمنها الشديد السيولة ونحن فيها ذاهلون…ثمة موسيقى , ثمة رقص ,ثمة موت و ولادة , ثمة تخلق حتى الفناء ….عالم من السطوح الخشنة والزيت والماء ,موسيقى من الصراع والموت والولادة ,واحلام وكوابيس ورؤى , حب ونهم للحياة وتحد للموت ,تلك موسيقى وأحلام وأعمال “معتوق بوراوي”  “بيغ بانغ ” يتجدد كل لحظة في داخلنا ولا ندركه ولكننا نحسه ونراه في اعمال “معتوق بوراوي ” حيث العناصر والكائنات تتخلق وتفنى دونما توقف.كان معتوق بوراوي قد بدأ يرسم مبكرا , وكانت أحلامه تشكلها الصحراء والمتوسط ,حيث يلتقيان على شواطئ ليبيا ,يرسمان ملحمة الموت والحياة كل لحظة وحيث تتنوع إيقاعات الحياة وتتشابك ..,حيث الليبيون والفينيقيون والرومان والإغريق , حيث الأفارقة والعرب ,مسلمون ومسيحيون ويهود ,حيث فنون ما قبل التاريخ وجداريات الاكاكوس ومغامرات الانطباعيين الأوروبيين.كان “معتوق بوراوي ” ومنذ البدايات يضج بإيقاعات روح غجرية ربما عادت مع العائدين من الأندلس واستقرت هنا ,حيث يتماس المتوسط والصحراء ليظل هذا التماس وهذا التفاعل الأوروبي العربي الأفريقي يسكنها ويقلقها وينتج عنفها اللوني المتشبث بالتجدد وأيضابالنوستالجيا.حملت طرابلس وغالبية المدن الليبية ملامح مدن الأندلس المفقودة ,معمارا وألوان وملابس نساء وموسيقى ,ليظل هذا التفاعل فاعلا ولا يهدأ ,.ظلت غرناطة وقصر الحمراء وتمثال ابن زيدون و ولادة تملآ مخيلات الفنانين الليبيين والعرب وظل “الوزان ” او “ليون الأفريقي ” يعد العدة لعبور الصحراء الكبرى نحو أفريقيا من طرابلس وليعود الى أوروبا ليصف لها إفريقيا.كانت الأندلس وغرناطة واسبانيا تسكن مخيلة “معتوق بوراوي ” قبل الرحيل اليها وكانت صورها وكائناتها ,تاريخها وحاضرها تشكلان جزءا من الدراما الإنسانية التي تتجسد كل لحظة هنا على شواطئ المتوسط وشواطئ الصحراء الكبرى..

أعمال “معتوق بوراوي ” الغرناطية ليست االا تجليا لتاريخ طويل من التواصل والتفاعل الحضاري بين الشاطئين ,بين الحضارتين بكل ما في ذلك التفاعل من صراع وتكامل ,من موت و ولادة , من شعر وموسيقى ,من الوان حارة وإيقاعات غجر , من “غارثيا لوركا ” والمالوف الليبي ,والاهم من ذلك الإصرار على الحياة ومقاومة الموت وتحديه ,من مواجهة غيلان العطش في الصحراء الكبرى إلى مواجهة الثيران في حلبات اسبانيا…إن الثعالب والذئاب والثيران ,الدم والعطش , الأحمر والأسود ,الرجال والنساء ,العناصر والفصول , تحتشد كلها بلوحات معتوق بوراوي الغرناطية لتعيد خلق كل ماجرى ويجري في أحلامنا وذكرياتنا الجمعية هنا وهناك……تمثل أعمال “بوراوي ” الغرناطية ” بالنسبة لنا نحن الليبيين اكتشافا جديدا لذات جديدة قديمة , تزيح الغطاء عن غرناطة المختبئة منذ قرون فينا , نرى عبرها غرناطة التي لم نرها إلا ماضيا ,نراها تتخلق كل لوحة…

مقالات ذات علاقة

رمضان في رسومات محمد الزواوي الساخرة

أحمد الغماري

قراءة في لوحة .. سيارة الخردة

ناصر سالم المقرحي

فنان يشيع الجمال

ناصر سالم المقرحي

اترك تعليق