متابعات

سيرة إبداع درنة يرويها عبد العزيز الزني

محاضرة عن (سيرة إبداع درنة)

أقيمت بدار محمود بي للثقافة بالمدينة القديمة طرابلس محاضرة جاءت بعنوان (درنة سيرة إبداع) ألقاها الكاتب والباحث “عبد العزيز الزني“، وأدارتها وقدمتها “أمل بن ساسي”، وذلك ليلة يوم الأربعاء 4 من شهر إبريل الجاري ضمن فعاليات الموسم الرمضاني الثقافي لليالي المدينة دورة أيام الخير.

جذور درنة التاريخية
فيما تناول الكاتب عبد العزيز الزني جوانب من التاريخ الاجتماعي والثقافي لمدينة درنة متوقفا عند محطات متعددة من ذاك التاريخ أبرزها الموقع الجغرافي للمدينة حيث تقع المدينة ما بين الجبل جنوبا امتدادا لسلسلة الجبل الأخضر ويحدها من الشمال البحر ثم الوادي الذي يقسمها، وهذا الوادي يمثل أهم جزء من مدينة درنة وينتهي بعد نحو 6 كيلو مترات انتهاءً بالشلال، وبالتالي تبوأت المدينة موقعا هام جدا، وأشار الزني أن درنة تاريخيا تفيد المصادر أن من شيَّدها هم الأندلسيون، وأردف الزني بالقول : إنني حين انكببت على بحث ودراسة الجذور التاريخية للمدينة راودني سؤال مؤاده لماذا الأندلسيون نجحوا في مدينة درنة لاسيما بعد موجات النزوح والهجرة في أعقاب سقوط غرناطة آخر معاقل الدولة الإسلامية في الأندلس فقد مرّوا بأماكن كثيرة بيد أنهم توقفوا عند درنة تحديدا فأثمر استقرارهم بالمدينة معماريا وثقافيا، وأضاف الزني بالقول : قد توفّرت بدرنة ثلاثة عناصر تعد البذور الأساسية لنشأة الحضارات مثل المياه الوفيرة العذبة، والتربة الخصبة، واعتدال الطقس ما يعني حسب الزني أن الأندلسيون وجدوا ضالتهم ومبتغاهم بدرنة حفّزهم على تعميرها والمساهمة في إزدهارها نظرا لما يتمتعون به من خبزة واسعة.

عوامل التمدين
كما لفت الزني إلى أن كل ما زار درنة وصفها بالجنة فما تضافر لهذه المدينة من عوامل النمو والرخاء منحها منزلة التميّز بين المدائن الليبية والعربية هبة من الرحمن، وتابع بالقول : ولعل هذه الأسباب عكست وجوه سلوكية ذات طابع حضري ومتمدين على طبائع وثقافة سكّان المدينة، وهي تختلف بطبيعة الحال عن الأقوام اللذين يعيشون في بيئات جبلية وصحراوية، ويرى الزني بأن هذا المُناخ المنفتح الذي تميّزت به درنة صيَّر من المدينة أنموذجا تقدميا رائعا، وأوضح الزني بأن العديد من الرحالة زاروا درنة من بينهم الرحالة “أبو سالم العياشي” مر على درنة وهو في طريقه نحو مدينة مكة المكرمة والرحالة المذكور ذكر أن العمران في درنة بدأت مبكرا عام 1040م بعد استقرار الأندلسيون على أنقاض مدينة رومانية قديمة تسمى دارنس، وعرّج الزني على تاريخ الساقية وبنائها إبّان حكم محمد بي أحد ولاة الدولة العثمانية حيث وصف الزني الساقية بالبناء العجيب وفق منظومة متطورة للري مشيرا لارتباط المدينة الوجودي وانتعاشها بالمياه بالساقية فضلا عن الحفاوة الكبيرة بالساقية في فترتي الخمسينات والستينيات.

تأسيس المسرح في درنة
بينما بيّن الزني أن دافعه لتأليف وإعداد كتابه المعنون والصادر أخيرا (درنة هبة الساقية) كان بسبب اهتمامه بالمسرح لتنطلق فكرته لتدوين وتوثيق التاريخ الاجتماعي لدرنة وأردف بالقول : تساءلت في قرارتي لماذا درنة ؟ ما هي الظروف التي تهيأت لدرنة حتى تصل إلى ما وصلت إليه سواء كان سلبا أو إيجابا، ولكن في جميع الأحوال صار لدرنة خصوصية ميّزتها عبر التاريخ، وأضاف الزني أنه رغم تضارب المصادر عن بدايات المسرح الليبي وإقامة أول عرض مسرحي فهنالك من يقول البداية كانت في طرابلس وهنالك من يقول البداية في بنغازي إنما على الأقل أستطيع التأكيد أن المسرح في درنة انطلق عام 1930م، والعرض الأول لمسرحية (خليفة الصياد وهارون الرشيد) كان عام 1931م فما كان من سلطات الاحتلال الإيطالية آنذاك إلا أن حذفت الاسم الثاني للمسرحية ليصبح عنوان المسرحية (خليفة الصياد)، ولاحقا سُحب الترخيص من الفرقة المسرحية وشُتت أعضاؤها التي كان أغلب العائلات الدرناوية تملك مساهمة في تلكم الفرقة، وتطرق الزني أيضا إلى جانب كبير من التاريخ المسرحي الدرناوي وذروة زخمه خلال فترة الأربعبنيات من القرن المنصرم ذاكرا بأن الوعي الجمعي لسكان المدينة وقتذاك كانوا متسامحين مع انتشار الفنون وألوان الأدب والثقافة بعيدا عن الغلو والتطرف.

مقالات ذات علاقة

الشاعر عاشور الطويبي يستشرف آفاق ليبيا الثقافية

المشرف العام

انتعاش الصحافة الليبية بعد الثورة

المشرف العام

انطلاق أعمال الندوة العلمية الأولى حول الرواية الشفوية في ليبيا

مهند سليمان

اترك تعليق