المقالة

ومضات ليبية عابرة – 2

عزالدين اللواج

1-
لاأدعي في النقاط التالية، تقديم تفسير كلي لإشكالية النزاع الدائر حاليا حول قيادة الجيش الليبي ،ولكن هذه النقاط هي مجرد استخلاصات مقتضبة وعابرة ، لأهم مضامين الجانب التأويلي المتعلق بتلك الإشكالية :-
أولا :-النزاع حول قيادة الجيش الليبي هو أكبر من أن يختزل في المتغير الزعامي لكل من قادة عملية الكرامة وقادة عملية فجر ليبيا ، لأن معطيات الانسجام والتماسك الرومانسي المطلق ،لاتصب في مصلحة الرهان على ذلك التفسير.
ثانيا :-بداية علاج النزاع يحتاج لتفسير ،ينطلق من فهم طبيعة النسق الفكري المتعلق بدلالة مفردة الجيش لكل طرف .
ثالثا:-هذا النسق الفكري يرتكز على خاصية استنباطية تستخلص المعلوم الخاص من المعلوم العام ،وهذا الأخير هو تأويلي رمزي أكثر من كونه سياسي.
رابعا:-الصور الصادمة التي رافقت الحدث ، جعلت كل طرف يقوم بتأويل فهمه للجيش بناء على رد فعل غرائزي مصدره الخوف والهول ،ومن مظاهر ذلك الخوف والهول في عملية الكرامة، صور مشاهد الاغتيال والقتل الممنهج لضباط الجيش وللناشطيين السياسيين والإعلاميين، وفشل قيادات ما بعد فبراير “الإسلامية وغير الإسلامية” في صنع وضع مجتمعي أفضل نسبيا من ذلك الوضع الذي كان موجود قبل الثورة ، وكذلك في استهداف المدنيين بالقذائف العشوائية، و في مشاهد قتلى قوات الكرامة ،أما في حالة عملية فجرليبيا فإن أهم مظاهرها يتمثل في الخوف على مكاسب الانفراد بالمشهد السياسي الليبي بعد ثورة 17 فبراير، وفي صور قتلى العناصر الموالية لتلك العملية على يد قوات الكرامة.
خامسا:-فشل جهود المصالحة الوطنية مع أنصار النظام السابق ، وعدم وجود توازن على مستوى تدبير ملف العدالة المناطقية،لعب أيضا دور كبير في جعل مسار التأويل الرمزي لمفردة الجيش ، يبدأ من محطة توظيف التناقضات الجهوية ذات الطابع الثقافي وليس الجغرافي كما يتصور البعض .
6- التصدي لتلك الإشكالية التأويلية عمليا لن يكون من خلال الرهان على الحسم العسكري ،أو سطوة التدخل الخارجي ، لأنه رهان يعول على حل مؤقت وآني لن يحول في حالة نجاحه ، من جعل نتائجه مجرد استراحة محارب للطرف الذي سيرضخ لمخرجاته ، ويتنازل عن تأويله الرمزي لمفردة الجيش.

-2-
العلوم السياسية المعاصرة،تفند مزاعم العديد من المحللين السياسيين الذين يدعون عبر القنوات الفضائية ،أن تكهناتهم السياسية موضوعية، وأنهم يراعون مصلحة الوطن ،إبان تحليلهم للمعطيات التي ارتكزت عليها تلك التكهنات .
لقد استفادت العلوم السياسية المعاصرة في هذا الصدد، من مجالات أكاديمية مختلفة ، من بينها تلك التي تناولت إدعاءات أولئك المحللون من منظوربيو-سياسي ، واكتشفت استراتيجيات زيفها ،منذ فترة ليست بالوجيزة ،فعلى سبيل الذكر لا الحصر ،كان من بين أهم الدراسات التي ساعدت على تعزيز فرضية وهم موضوعية التكهنات السياسية ،تلك الدراسة القيمة التي أنجزها ميخائيل شيرمر عام 2006،والتي أكد من خلالها على أن التكهنات السياسية ،ليست سوى ناتج ينتج من انحياز المحلل السياسي ، لما يراه منسجما ومتطابقا مع آرائه وتوجهاته الفكرية والمعرفية، والآن على مدعي موضوعية تكهناتهم السياسية احترام عقولنا…

-3-

من أعراض عمى الألوان السياسي والقانوني،عدم التمييز بين مجلس اللادولة ، ومجلس الدولة،ومن أعراض زهايمر تأويل اتفاق الصخيرات ،نسيان الفرق بين المفهوم القانوني والمفهوم السوسيولوجي “المجتمعي” للدولة.

_______________

نشر بموقع الحوار المتمدن

مقالات ذات علاقة

قباعيات 12

حسن أبوقباعة المجبري

حقيقة اللاعنف لدى غاندي

عمر أبوالقاسم الككلي

صداع نصفي .. فقر كلِّي

الكيلاني عون

اترك تعليق