من مجموعة تواصل للنحات عبدالله سعيد.
قصة

منو قال فمك أبخر ؟..!!!!

من مجموعة تواصل للنحات عبدالله سعيد.
تصوير: حسن المتربح.

 

ظهر من شرفة قصره بلا موعد وعلى غير عادته…. في صباح ذلك اليوم الخريفي …. فخيوط الشمس بدأت لتوها تخترق محيط القصر … والشارع الذي تطل عليه الشرفة … لازال خاليا إلا من عمال النظافة يسوقون حميرهم يجمعون عليها القمامة …. ونسمة لطيفة باردة تلفح وجوههم …….. وتحرك بعض القش وأوراق الشجر هنا وهناك….

وقف في الشرفة يرتدي ملابس النوم … ويضع غطاء فوق رأسه … حافي القدمين … أحدى عينيه نصف مغمضة … والأخرى يجهد نفسه في فتحها… العمش يلصق اهذابها… ولكنه حاول أن يلقى نظرة على الشارع ..

وصرخ صرخة وسط الهدوء …. منو اللي قال فمك أبخر ؟؟ سمع عمل النظافة الصوت المدوي ويبدو إن الحمير سمعت كذلك … فقد رفعت رؤوسها ونفرت ونظرت تبحث عن مصدر الصوت … أحتار العمال في مصدر الصوت .. لكن أحد الحمير لمح أحداً يقف في الشرفة فقد كان يتجه بنظره إلى الأعلى، لم يهتم للأمر.

هز أحد الحمير رأسه قبل أن يدكه في كومة من القمامة سقطت من الحمار الذي يسبقه .. ولكن عامل النظافة ضربه فأسرع الخطى وهم يتجهون نحو مصدر الصوت وعاد الصوت ليصرخ من جديد … منو اللي قال فمي أبخر ؟؟

لقد سمعت أحدهم يقول فمك أبخر ……. قالها وهو يحاول أن يدعك عينية بقوة ليتخلص من العمش …. اقتربت كوكبة حمير القمامة من الشرفة وهي تضرب بحوافرها على القطران …… تصدر صوتا رتيباً ….

سُمع الصوت يأتي من الشرفة … وقال … إيه أنت اللي تخبط … من قال فمي أبخر ؟؟ لم ينتبه الحمير للصوت فما أدراهم ربما لا يقصدهم .. وصاحب الصوت لم يميز الذي يتحرك ويصدر الصوت ….

وأستمر يحدث الحمير في الشارع … لقد سمعت أحدكم وهو يقول … فمك أبخر … هنا توقفت الحمير فالأمر أصبح يعنيها والصوت يوجه سؤاله لهم ….

نظر الحمير واحد للآخر وكأنهم يسألون بعضهم … من قال منكم فمه أبخر ؟؟ وردت بنظراتها لا … لا .. لم نقلها .. وأطلق أحد عمال النظافة .. صيحة مدوية … أّر… أرّ .. أسرعت الحمير الخطى وهي تحمل أحمالها ..

وتوقف أحد العمال ونظر إلي الشرفة … وقال لم يقل أحد فمك أبخر … يبدو إنك تحلم … وأصدر صوت أرّ.. أرّ … يأمر الحمير …

لكن الواقف في الشرفة ظن إن الأرّ تعنيه … فصرخ أنا أرّ يا حمار ….

مقالات ذات علاقة

فَزَّاعِيَّاتٌ ( 1 ) – قصصٌ قصيرةٌ جدًّا

جمعة الفاخري

ترحّل

محمد دربي

سقيم الهواء

صفاء يونس

اترك تعليق