المقالة

أدوار النساء الليبيات!

المرأة الليبية

إن طرح هذه القراءة المتواضعة في وثيقة المرأة الليبية للسلام(*) لا يمنع من الإشادة الرئيسية بالمُعطى الأهم لمنجزهن وهو أطلاق المباديء ومُقترحات العمل بمتطلباتها المحلية والدولية، والتي ينبغي أن نتشاركها ونوسع دائرتها تحالفاً وتعاطياً عملياً على مستوى البلاد، والحال بما هو عليه! وما وضعته نساء المجتمع باختلاف مدنهن المُنتميات كما المستقلات أو صاحبات أعمال ومنظمات مدنية خليق بالدعوة الى تمثُله فعلاً عبر آليات وسياسات عمل تتوحد الجهود المدنية والأهلية فيها مع مؤسسات حكومية تشريعية وتنفيذية باتجاه العمل الوطني المشترك الداعي والمحقق للسلام والتعايش، وهو ما ليس بمستحيل!

أولاً: نظرة في عموم الوثيقة

سأستبعدُ الخوض في تفاصيل الديباجة اللغوية للوثيقة التي بدت مُرتبكة وكثيرة التكرار لمفردات بعينها مثل:

أ- ما ورد في السطر الاول من المقدمة: «لعل من نافلة القول أن معاناة المرأة… »، وهي جملةٌ مبتدأ لا إجابة لها لاحقاً!، وبالنظر إلى الأسطر الأربعة الأولى من المقدمة نجد تكراراً معيباً لذات الفكرة التي قصدت التمكين السياسي والاقتصادي للمرأة ومشاركتها في صنع القرار وأحلال السلام، وكلنا يعلم أهمية الاستهلال في أي بيان أو وثيقة وما يتطلبه من تركيز في الجمل المُصاغة المُؤدية للمعنى والابتعاد عن التكرار المُخل لأنه يضعف المتن.

ب- إيراد الفكرة ونقيضها مما يدلل على عدم تمخض النقاشات والأفكار التي جرى وضعها على بساط الحصر والبحث: فقد جاء ما يلي: «تأكيداً للدور الكبير الذي لعبته المرأة في بعض مبادرات نزع السلاح وفي التوعية بخطر الجماعات المسلحة» (ص7)، ثم نجد أيضاً عبارة: «ساهمت المرأة الليبية في المصالحات وتزويد النازحين بالاغاثات وحصر النساء المعنفات» (ص 3)، و: «ساهمت المرأة في اعداد قاعدة بيانات وحصر لأعداد النازحين، وساهمت العديد من المنظمات النسائية في تكوين فرق للدعم النفسي للنازحات» (ص7) وفي ذات الوقت نطالع: «نُدرة المساعدات المُقدمة للنازحين» (ص5) و«عدم وجود قاعدة بيانات تخص النساء اللاتي تعرضن للعنف» (ص5)، «عدم وجود قوانين وتدابير توفر حماية للنساء» (ص5)، بين مفردة «الكبير» ومفردتي «عدم، وندرة» فارق في الدلالة يضع البنود التي تم حصرها والتحديات المعروضة موضع شك ويفقدها المصداقية.

ج- كان من الأولى إحالة الوثيقة إلى مُختصي صياغة وتدقيق لغوي بعد صب خلاصة الأفكار والطروحات ما يشيع عادة لإنتاج هكذا عمل، ووفقاً لكل ما سبق ذكره، أقترح إعادة التدقيق في صياغتها، ويشمل ذلك تصحيح الأخطاء النحوية.

ومما تجدر الإشارة إليه عند قراءتنا في عموم صفحات الوثيقة، نلمس عدم مقاربة مُعطى وتحدي مركزي للمواطنين، المتمثل فيما طلع علينا من صعود لتيار متطرف ( قاعدة، أنصار شريعة، مجلس شورى ثوار، سلفية مارس عنفاً معنوياً وجسدياً…) تمخض عنه تدخل، تضمن المساس بالتشريعات ومنها ما ترتب عليه من أشاعة لزواج القاصرات، وهدّد النساء (كما الرجال) من الخروج للأعمال والانطلاق في الشوارع لممارسة الحياة اليومية (بنغازي ودرنه وسرت،…) وقد وردت نتائج لذلك أو عرض للتحديات التي تواجه النساء في البند الأمني بالوثيقة دون الاشارة الصريحة للمُسبب، مثل:

– النزاعات المسلحة وانتشار السلاح قلل من نشاط الناشطات بالداخل (ص 4)، عزوف وانقطاع بعض الفتيات عن الدراسة وعدم ذهاب النساء الى أماكن الشغل (ص 5)، ارتفاع نسبة زواج القاصرات (ص 8) تعرضت بعض النساء للتهديد والتشهير والتهجير ولم تنج بعضهن من عمليات الاغتيال.

وعلى ذلك فإن الوثيقة وعبر كل صفحاتها وعرضها للتحديات والمتطلبات الدولية والمحلية لم تضطلع بالانتباه والتركيز على مُتغير صارخ أخلّ بالنظام الاجتماعي وبالأمن المجتمعي وألقى بظلاله القاتمة وهو سيطرة أيدلوجيا متطرفة بعينها صارت تتدخل في التشريعات دون أذن المؤسسة والهيئة المُختصة من برلمان وقضاء، (والكل يعلم أن مؤسسة دار الأفتاء بطرابلس مثلا اغتصبها تيار متطرف صار له قناة ولسان مُتحدث بأسمها).

وقد أضعف ما ظهر من تسلط ايدولوجي معنوي مس بالتشريع تواجد النساء عبر منظماتهن المدنية بل أن بعضهن غادرن البلاد متوقفات عن ممارسة نشاطاتهن، وفقد المناخ ما جرى من شغف وتبني للعمل الاهلي والمدني على مستوى البلاد ما مثل فارقة تاريخية مجتمعية، ومنها الانطلاق المثابر صباح مساء أول سنة الثورة 2011.

ولنا عودة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) في نوفمبر2015، قامت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والإدارة الإتحادية التابعة لوزارة الخارجية السويسرية والمكتب الإقليمي للدول العربية التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة بتنظيم المؤتمر الأول للمرأة الليبية في مونترو بسويسرا بغية وضع الحد الأدنى من متطلبات أجندة السلام. وجمع المؤتمر طيفاً جهويا وسياسياً شاملاً ضم 38 امرأة ليبية استفدن من تجارب النساء من بلدان أخرى. وأمضت المشاركات الليبيات ثلاثة أيام في حوارات وتمكنّ من إيجاد توافقات تمخضت عن الخروج بأجندة المرأة للسلام. وثيقة المرأة الليبية لبناء السلام وتعزيز دورها في السلم الاجتماعي.

نشر بموقع المستقل

مقالات ذات علاقة

كـلام فى كـلام

تهاني دربي

أصيل ابحير.. وديكتاتورية الأدوار

المشرف العام

هل الصور للفرح فقط ؟!

المشرف العام

اترك تعليق