http://alwatanlibya.com/assets/images/25755_2_1356298450.jpg
تقارير

سنة ثقافية ليبية واعدة والمبدعون يضيئون شموع الأمل

http://alwatanlibya.com/assets/images/25755_2_1356298450.jpg

بينما تشتعل الحرب في مناطق ليبية عدة وتسيطر الميليشيات على مدن بالكامل، ويواصل داعش عملياته، إضافة إلى انقطاع متواصل للكهرباء ونقص للسيولة في البنوك، وحروب كلامية مشتعلة على صفحات التواصل الاجتماعي، ومهنة الصحافة ليست بخير بحسب تقرير أصدرته منظمة “مراسلون بلا حدود” بداية هذا العام 2016، مازالت هناك أنشطة وإنتاجات ثقافية تعيش رغم قسوة الظرف. “العرب” تقدم عرضا للأحداث الثقافية الليبية للعام 2016.

في ليبيا تسير الحياة بشكل متواز مع ما يحدث، فلم يعد من المستغرب أن يذهب الليبيون لحضور أمسية للشعر أو معرض للكتاب. مازال المثقفون الليبيون يحاولون خلق حياة أخرى رغم ظروف الحرب والعنف، وماتزال بعض الأنشطة الثقافية هنا وهناك توفر فسحة أمل للمجتمع الليبي الساعي إلى بناء مستقبل أفضل.

هيمنة الروايات

رغم تراجعها الكبير، مازالت هناك إصدارات كتب نوعية في ليبيا، ففي إيطاليا صدر عن مؤسسة سارينكو مع مؤسسة بينيتون الإيطالية كتاب بعنوان “ليبيا: الحرية”، ضمن سلسلة صورة العالم، الكتاب ضم بين طياته 140 عملا فنيا لفنانين ليبيين، وحسب مؤسسة بينيتون، تسلط الأعمال الضوء على جمالية جديدة في المشهد الفني الليبي الغني، وأهمية وجود مجموعة من الفنانين من مختلف المدن الليبية ومن مختلف المدارس الفنية ومن مختلف الأجيال، ويمثل المشروع مرحلة جديدة وغير عادية في رحلة فنية رائعة.

كما شهدنا صدور الترجمة الفرنسية لرواية “العلكة”، للكاتب منصور بوشناف، “العلكة” صدرت العام 2008، ومنع توزيعها في ليبيا في ذلك الوقت، وكانت تحمل عنوان “سراب الليل” والعلكة كعنوان داخلي، وتم اختياره كعنوان وحيد للعمل في نسخته المترجَمة لأن الكاتب ظنَّ، على حد قوله، أنه عنوانٌ مناسبٌ أكثر للقارئ الأوروبي بدعم من الناشر.

وتعد رواية “العلكة” رواية قصيرة، إذ تتكون من 120 صفحة، تلقي الضوء على مجتمع يعيش تحت الحكم الدكتاتوري بأسلوب ساخر.

في حركة لا تخلو من الطرافة، كتب الروائي الليبي عبدالرسول العريبي متسائلا “هل سأكسر الرقم القياسي في كتابة الروايات وأدخل موسوعة غينيس؟”، إذ يقدم العريبي مشروعا روائيا أنجزه خلال فترة قياسية حيث استغرقت منه كتابة خمس روايات فترة لا تزيد عن خمسين يوما.

الرواية الأولى “لا شيء اسمه الحب” كتبها خلال عشرة أيام، و”بئر النجوم” أنجزها خلال ثلاثة عشر يوما، ورواية “امرأة من بنغازي” استغرقت كتابتها عشرة أيام فقط، ليختتم مشروعه بروايتيه “رياح الحرب”، التي استغرقت كتابتها اثني عشر يوما، و”على هامش الحب” التي كتبت في خمسة أيام فقط.

وحسب العريبي، هذه أرقام قياسية لم ينجزها أي كاتب في العالم، حيث يأمل الكاتب في أن يصبح هذا العمل حدثا ثقافيا.

وتتالت الإصدارات الليبية هذا العام، ففي القاهرة صدرت عن دار ميادين الليبية رواية “ألف داحس وليلة غبراء” للروائي أحمد الفيتوري، يقدم من خلالها الفيتوري ثلاث سرديات هي؛ الرواية الأولى: غابة الأشجار الميتة، الرواية الثانية: غابة القضبان الحية، والرواية الثالثة: غابة الرؤوس المقطوعة.

كما قدمت الناقدة فاطمة الحاجي روايتها الأولى “صراخ الطابق السفلي”، عن دار النهضة اللبنانية، وتتحدث فيها عن فترة مهمة من تاريخ ليبيا الحديث، فترة الثمانينات التي شهدت اضطرابات وتحولات على كافة الأصعدة، وعرفت تجربة الليبيين مع حرب تشاد ومعاناتهم من الحصار الغربي الاقتصادي والجوي.

كما أصدر الروائي شكري الميدي أجي عن دار ميم الجزائرية روايته “أسلوب جدي”، وهي محاولة لتجميع أو استعادة ذكريات صبي مر بأحداث متداخلة خلال عامه الرابع عشر، إثر عاصفة رملية اجتاحتْ بلدته.

ونذكر كذلك رواية “قصيل” التي صدرت عن دار ميم الجزائرية، وعن العمل تقول الروائية عائشة إبراهيم “النص يتخذ من موطن نشأة الكاتبة مسرحاً لأحداثه، ويسلط الضوء على بعض أنماط التفكير الجماعي، ويوثق في ومضات خاطفة بعض سيرة المكان عبر أزمنة متعاقبة، من العصر الروماني مرورا بالحكم العثماني والاحتلال الإيطالي، ثم ملامح الدولة الليبية ما بين عقدي الستينات والثمانينات وما يتخللهما من تغير اجتماعي واقتصادي”.

أما الروائية نجوى بن شتوان تسرد في روايتها “زرايب العبيد” الصادرة عن دار الساقي، أسرار حقبة تاريخ العبودية في ليبيا. تصوّر الرواية معاناة ذوي البشرة السوداء، والمآسي التي يتحملونها سواء كانوا مملوكين من قبل البيض، ويخدمون في منازلهم، أو حصلوا على حريتهم فذهبوا ليعيشوا فصول الفقر والحرمان في الزرايب التي سميت باسمهم.

تظاهرات ثقافية

وعلى خشبة مسرح الطفل بمدينة بنغازي، افتتح معرض فني بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، جاء بعنوان “إيجبس”، وتضمن المعرض أعمالاً لمجموعة من الشباب الرسامين والنحاتين والمصورين التي تعكس مفهوم رفض العنف ضد النساء، في رغبة لتوظيف الفنون في خدمة القضايا الإنسانية.

وفي مدينة طرابلس، أجلت الفنانة التشكيلية خلود الزوي معرضها التشكيلي “هند”، الذي كان من المزمع إقامته في الفترة من 4 إلى 8 ديسمبر الجاري بدار حسن الفقيه حسن، وعللت الفنانة ذلك بسبب الأوضاع الأمنية في مدينة طرابلس والاشتباكات المستمرة، مؤكدة أنه سيتم الإعلان عن الموعد الجديد بعد استقرار الأوضاع. ويتضمن المعرض 40 لوحة من أحجام مختلفة، تعكس معاناة النساء عن طريق رصدها تشكيليا.

ومن خلال “99 “، صورة بين بورتريه ومشاهد طبيعية ومشاهدات من الحياة اليومية الليبية، نظم الفوتوغرافي محمد البوسيفي معرضه الأول بفضاء قاعة ورق بمدينة طرابلس.

وبعد عام ونصف العام من العمل المتواصل في غابة سيدي المصري بمدينة طرابلس، توجت جماعة “ليبيا للرسم في الهواء الطلق”، أعمالها بتنظيم معرضها الأول “باليتا” جمع أعمال خمسة فنانين وهم موسى ابوسبيحة وحسين أبوعجيلة وصلاح غيث وعادل التواتي وأحمد الغماري.

كما احتضنت مدينة مصراتة بقاعة فندق “تابكت”، المعرض الشخصي الثاني، للفنان التشكيلي علي حورية، تحت عنوان “تراجيديا تجريد الهيكل”، والذي قدم فيه التشكيلي مجموعة من أعماله، في تجربة تحاول استنطاق اللون والأشكال.

أما في المسرح، فقدمت بمدينة طرابلس مسرحية “مجانين ولكن”، تأليف وإخراج الفنان خالد القماطي، وهي عمل كوميدي ينتقد الأوضاع في ليبيا بشكل ساخر، من خلال عنبر مجانين به ثمانية أشخاص يحاولون الهروب من المستشفى، وفي كل مرة يفشلون، والمشاهد عبارة عن رسائل موجهة للمسؤولين في البلاد. شارك في التمثيل عدد من الفنانين الشباب: رياض الوحيشي وسيف العلواني وعبدالمعز مصطفى وسفيان السيليني وحسام المقرحي وأحمد عليوة وعبدالمهيمن مازق وبشير المقرحي. وستعرض المسرحية قريبا في زوارة وترهونة ومصراته والخمس وزليتن.

وعلى مسرح السنابل بمدينة بنغازي، عرضت مسرحية “فريق الأحلام”، التي كتبها وأخرجها الفنان ميلود العمروني، ومن بطولة نخبة من نجوم المسرح والوجوه الشابة الجديدة. المسرحية تحاكي الواقع والقضايا التي يعيشها المواطن الليبي، عبر أسلوب نقدي كوميدي ساخر.

السينما أيضا كان لها حضورها في ليبيا هذا العام، ففي مدينة مزدة، الواقعة بمنطقة الجبل الغربي، أقيم مهرجان مزدة الدولي الأول للفيلم القصير في الفترة من 3 إلى 5 سبتمبر، بمشاركة الدول العربية الآتية: ليبيا ومصر والعراق والإمارات والجزائر والسودان وتونس والمغرب وفلسطين وسوريا، وبرعاية شركة المزداوية للإنتاج الفني والإعلامي. وقد بلغ عدد الأفلام المشاركة 21 فيلما بينها 9 أفلام ليبية، وحسب القائمين على المهرجان هو رسالة سلام وأخوة في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ ليبيا. ودعوة إلى نبذ العنف ولغة الموت والحرب التي ألحقت بنا أضرارا نفسية واجتماعية. واختتم بإعلان فوز فيلم “لا عودة” للمخرج الليبي بشير بلقاسم بشير.

وفي مدينة صبراتة الواقعة على بعد 67 كلم غرب مدينة طرابلس، رفع الستار عن المجسم الجمالي “دعوة للسلام”، بعد فترة عمل تجاوزت الشهرين، وقال مصمم المجسم الفنان التشكيلي رمضان أبوراس إن هذا المجسم هو أمل السلام بكل الألوان من تنفيذ جمعية صبراتة للفنون التشكيلية. يحمل أعلى المجسم ساعتين إلكترونيتين يظهر فيهما التاريخ والتوقيت وعبارة مرحبا بكم في صبراتة مدينة السلام، وكذلك الإعلان عن المناسبات الثقافية والدينية والقومية ويتغير موضوع المادة الكتابية حسب كل حدث أو مناسبة.

وفي مدينة بنغازي، احتفل تجمع تاناروت للإبداع الليبي باليوم العالمي للشعر تحت شعار “أنا الشاعر.. أنا حكاية مفضلة”، وكانت هناك قراءات عن بعد “تسجيلات صوتية” شارك فيها شعراء من مختلف أنحاء العالم بلغاتهم العربية والكردية والإنكليزية والفرنسية. كما أقام التجمع يوما للقراءة بمناسبة اليوم العالمي للكتاب.

وتحت عنوان “بنغازي تتعافى”، أقامت منظمة “فال للتنمية البشرية: دفاعا عن حرية الفكر والإبداع”، نشاطا شعريا استمر يومين بمشاركة شعراء من بنغازي وطرابلس والبيضاء وأجدابيا.

كما التأمت في مدينة هون التي تقع جنوب شرق العاصمة طرابلس فعاليات مهرجان الخريف السياحي في دورته الـ20، والتي تنوعت ما بين التراثية والفنية والثقافية والرياضية والترفيهية. وشارك في الفعاليات العديد من الوفود من مختلف مناطق ليبيا، حيث قدمت “فرقة سمنو” سهرة غنائية تجسدت في ملحمة كيف كانت حياة الليبيين على مر الزمان، إضافة إلى عروض ومعارض تراثية ومعارض للكتب وأخرى للرسومات والصور والمقتنيات الشعبية والمعدات القديمة من آلات تصوير وأجهزة المذياع والمعدات الزراعية وأواني الطهي وعروض للسيارات الكلاسيكية وسباق لرالي السيارات الصحراوية وعروض للدراجات النارية ومعارض للتمور ومشتقاته.

تراث وراحلون

أدرجت منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة “اليونسكو”، في اجتماعها الـ40، بإسطنبول، خمسة من المواقع الأثرية والثقافية الليبية على قائمة مواقع التراث العالمي المهدد، واعتبرت المنظمة في قرارها أن الميليشيات المسلحة تشكل خطرا جسيما على الكنوز الأثرية الليبية.

وتشمل المواقع المصنفة في ليبيا المدينة العتيقة في غدامس، التي غالبا ما يشار إليها باسم “لؤلؤة الصحراء” والموقع الأثري في مدينة سوسة شرق ليبيا، وهي واحدة من المدن الرئيسية في العالم الإغريقي.

وفي هذه القائمة أيضا، المواقع الصخرية الفنية في جبال أكاكوس على الحدود مع الجزائر التي تتميز باحتوائها ومحافظتها داخل الكهوف والمغارات على العديد من لوحات يعود تاريخها إلى ما بين 12 ألف عام قبل الميلاد إلى 100 بعد الميلاد.

والموقعان الآخران وهما لبدة وصبراتة على الساحل الغربي للبلاد، يعتبران موقعين تجاريين هامين على البحر المتوسط، كانا ذات يوم جزءا من المملكة النوميدية الزائلة في ماسينيسا قبل الاكتساح الروماني.

وأضيفت المواقع الأثرية الثلاثة شحات ولبدة وصبراتة إلى قائمة التراث العالمي باعتبارها من بين العجائب الطبيعية والثقافية البارزة في العالم في العام 1982، بعد غدامس في العام 1986، وجبال أكاكوس في العام 1985.

وفي مدينة بنغازي، سلم المواطن الليبي صالح حسن حويكم، سبع قطع أثرية مهمة، وعددا من العملات البرونزية لمصلحة الآثار الليبية، حيث سميت المجموعة المسلمة باسمه كتشجيع معنوي.

والقطع تضم أيضا ثلاثة رؤوس من الرخام جنائزية توضع عادة في المقابر، ويمكن أن تكون قطعا إغريقية أو رومانية، وسيتم تحديد العصر الذي تعود إليه من خلال دراسة ستقوم بها اللجنة الاستشارية بالمصلحة، وفقا للصفحة الرسمية لمصلحة الآثار الليبية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. وتتضمن المجموعة أيضا أربعة مصابيح إنارة مصنوعة من الفخار تعلوها زخارف ورسوم وكانت تستخدم عادة كأدوات جنائزية، وسبع عملات مصنوعة من مادة البرونز ثلاث منها حالتها جيدة أما البقية فهي غير واضحة المعالم ويصعب تمييزها حتى لو تم تنظيفها.

وقد سجل هذا العام غياب العديد من الفنانين الليبيين الذين قدموا للثقافة الليبية بتجاربهم باختلاف أنماطها، أعمالا إبداعية مؤسسة. فبعد يوم أمضاه في التنقل بين مستشفيات ومصحات طرابلس، رحل المطرب محمد الجفيلي، بسبب إصابته بفشل كلوي، يوم 16 نوفمبر.

وُلد الجفيلي في مدينة طرابلس عام 1951، دخل عالم الفن عبر المسرح الوطني عام 1966، واعتمد مطربا عام 1980، وقدّم خلال مسيرته الفنية عددا من الأغاني الوطنية. وفي مدينة بنغازي توفي الموسيقار يوسف العالم، جراء تعرضه لأزمة قلبية، يوم 12 أغسطس، العالم ولد في بلدة سلوق القريبة من بنغازي، ساهم في نشر الأغنية الليبية الحديثة وتطويرها، من روائع ما قدَّمه من ألحان أغنية “طيرين في عش الوفاء”، التي كانت نقلة متطوِّرة في مسيرة الأغنية الليبية.

ومن الراحلين أيضا سيدة المسرح الليبي الفنانة سعاد الحداد، التي فارقتنا يوم 13 يونيو بعد صراع مع المرض، بدأ العام 2014. قدَّمت الفنانة القديرة الكثير من الأعمال المسرحية باللغة العربية، بداية من مسرحية “أهل الكهف”، إخراج الفنان عمران راغب المدنيني العام 1965، ومن أعمالها المسرحية “شجرة النصر” و”شكسبير في ليبيا” و”الصوت والصدى” و”وطني عكا” وغيرها. كما توفي فنان الكاريكاتير حسن دهيميش بعد صراع طويل مع مرض السرطان، يوم 16 أغسطس. وعرف دهيميش برسوماته الساخرة التي توجه نقدا لاذعا للأوضاع السياسية والاجتماعية الليبية تحت مسمى “الساطور”.

_____________

نشر بصحيفة العرب

مقالات ذات علاقة

غدامس .. سماحة الأهل

المهدي يوسف كاجيجي

أيقونة “الخزف”.. ألوانٌ تتوهّج على قمم “نفوسة”

المشرف العام

التخريب والإهمال يلاحقان مواقع أثرية في ليبيا

المشرف العام

اترك تعليق