من أعمال التشكيلية فتحية الجروشي
قصة

قصص قصيرة جداً

* الْقَلْبُ الذَّهَبِيُّ:

من أعمال التشكيلية الليبية .. مريم العباني
من أعمال التشكيلية الليبية .. مريم العباني

يَسْتَدِينُ مِنْ صَدِيقِهِ مَبْلَغاً مِنَ الْمَـالِ؛ لِيَشْتَرِي لَهَا كُـلَّ مَا تُرِيدُ، تَخْطُرُ لَهُ فِكْرَةٌ، تُثِيرُ إِعْجَابَهُ، يَتَرَدَّدُ.. ثُمَّ يُقَرِّرُ تَنْفِيذَهَا، يَمُرُّ عَلَى مَتْجَرٍ لِلْمُجَوْهَرَاتِ وَالْهَدَايَا، يَنْظُرُ بِتَمَعُّنٍ وَاهْتِمَامٍ، تَلْفِتُ نَظَرَهُ قِلاَدَةٌ ثَمِينَةٌ، يَتَدَلَّى مِنْهَا قَلْبٌ ذَهَبِيٌّ كَبِيرٌ، يُقْبِلُ عَلَى شِرَائِهَا، ثَمَنُهَا لاَ يُهِمُّ، وَصَلَ إِلَى بَيْتِهِ بِسُرْعَةٍ لِيُقَدِّمَ لَهَا قَلْبَهُ هَدِيَّةً، لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ أَحَداً سِـوَى وَرَقَةٍ صَغِيرَةٍ عَلَى الطَّـاوِلَةِ كَتَبَتْ لَهُ فِيهَا: (لَمْ أَعُدْ أَحْتَمِلُ الْحَيَاةَ مَعَكَ، إِنَّكَ مَغْرُورٌ مُخَـادِعٌ، وَلاَ تَعْرِفُ مَعْنَى الْوَفَـاءِ وَالإِخْـلاَصِ)، مَـزَّقَ الْوَرَقَةَ.. وَوَضَعَ الْقَلْبَ الذَّهَبِيَّ تَحْتَ قَـدَمَيْهِ، خَبَّـأَ بَهْجَتَهُ النَّزِقَةَ فِي جَيْبِهِ، وَمَضَى لِيُكْمِـلَ رِحْلَتَهُ وَحِيـداً كَمَا بَـدَأَهَا.

* ضَجِــيجُ الصـَّـمْتِ:

من أعمال التشكيلية الليبية .. خلود الزوي
من أعمال التشكيلية الليبية .. خلود الزوي

اسْتَشَاطَ الصَّمْتُ غَضَباً، أَمْسَكَ بِتَلاَبِيبِ حَارِسِ الزَّمَنِ الْكَسُولِ، أَوْقَعَهُ عَلَى الأَرْضِ، نَظَرَ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، حَـاوَلَ إِيهَـامَ نَفْسِهِ أَنَّهُ بِخَيْرِ، لَكِنَّ هَذَا الْهُـرَاءَ لَمْ يَرُقْ لَهُ!، فَذَهَبَ نَاحِيَةَ السَّرَابِ لِيُفْرِغَ فِي وَجْهِهِ تِلْكَ الشُّحْنَةِ مِنَ الصُّرَاخِ وَالصَّخَبِ اللَّذَيْنِ يَنُوءُ بِحَمْلِهِمَا لِسَنَـوَاتٍ طَوِيلَةٍ، تَنَاهَى إِلَى سَمْعِ السَّرَابِ ضَجِيجٌ مُرْعِبٌ، لَمْ يَعْرِفْ مَصْدَرَهُ، وَحِينَ أَبْصَرَ الصَّمْتَ لأَوَّلِ وَهْلَةٍ أَفْـزَعَهُ مَا رَأَى! هَـدَّأَ مِنْ رَوْعِهِ قَـائِلاً لَهُ:

– إِنَّكَ مِنْ ذَهَبٍ. أَجَابَ الصَّمْتُ بِهُدُوءٍ مُصْطَنَعٍ: وَهَلْ يَتَجَاهَلُ النَّاسُ الذَّهَبَ وَيُقْصُونَهُ فِي زَاوِيَةٍ مُهْمَلَةٍ؟ عِنْدَهَا فَقَطْ تَبَادَلَ الصَّدِيقَـانِ الأَدْوَارَ، فَصَمَتَ السَّـرَابُ، وَدَخَلَ الصَّمْتُ فِي حَـالَةٍ مِنَ الصُّرَاخِ الْمُتَّصِلِ حَتَّى تَحَوَّلَ إِلَى سَـرَابٍ!!.

* انْتِشَاءٌ :

ZWIK_02

مُتَسَمِّرٌ عَلَى مِقْعَدِهِ الْهَزَّازِ، يُطَالِعُ صُوَرَهُ الْقَدِيمَةَ بِنَهَمٍ، تَعُودُ بِهِ كُلٌّ مِنْهَا إِلَى لَحْظَتِهَا، يَتَوَقَّفُ عِنْدَ إِحْدَاهَا، تَيَبَّسَ فِي مَكَـانِهِ، فَرَكَ عَيْنَيْهِ الْمُتْعَبَتَيْنِ جَيِّداً، دَقَّقَ النَّظَرَ فِيهَا، صُورَتُهُ وَهُوَ يُكَرَّمُ فِي عِيدِ الْمُعَلِّمِ، قَبْلَ ثَلاَثِينَ عَاماً، انْتَشَى فَرَحاً، وَامْتَلأَتْ نَفْسُهُ حُبُوراً لَمْ يَلْبَثْ أَنْ تَحَوَّلِ إِلَى حُزْنٍ قَاتِلٍ، أَلْقَى الصُّوَرَ مِنْ يَدِهِ، وَشَرَعَ فِي بُكَـاءٍ طَوِيلٍ كَطِفْـلٍ يَتَغَنَّجُ عَلَى أُمِّهِ لِتُعْطِيَهِ قِطْعَةَ حَلْوَى، وَبَيْنَ لَحْظَةِ الْفَـرَحِ الْمُخْتَلَسَةِ وَمَحَطَّاتِ الْحُزْنِ الْمُمْتَدَّةِ أَقْفَلَ هُوَ دَفْتَرَ الذِّكْرَيَاتِ، وَنَامَ عَلَى فِرَاشِ الأَحْـلاَمِ الْمَبْتُورَةِ.

* مَتَاهَاتُ التَّشَظِّي:  

Fathia_Jeroshi (8)    

أَبْـدُو وَحِيداً، أَقْتَفِي أَثَرَ الزَّمَـنِ، وَأَبْحَثُ عَنْ مَوْطِىءِ قَدَمَيْهِ فِي دُرُوبِ الضَّيِاعِ، وَمَدَائِنِ الْوَحْشَةِ، لَكِنَّنِي لَمْ أَجِدْ أَحَـداً، وَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتاً!، سِوَى دُمَىً جَامِدَةً، تَيَبَّسَتْ شِفَـاهُهَا، وَمَنَازِلَ فَارِغَةً وَهِيَ مَلأَى، وَأَنْفُسٌ غَـابَ عَنْهَا تِرْيَاقُ الْمَحَبَّةِ الزَّاكِي، فَضَاعَتْ فِي مَتَاهَـاتِ التَّشَظِّي.

مقالات ذات علاقة

الشمعة لا تنحني..وان انحنت انطفأت

عبدالله الماي

وعداً زائف

إبراهيم الصادق شيتة

صَــــــــــــــــــــوْتٌ …!!

جمعة الفاخري

اترك تعليق