شخصيات

مصطفى المستيري معلم العود ..

الأستاذ مصطفى المستيري
الأستاذ مصطفى المستيري

لم يكن ثمة معهد لتعليم الموسيقى في مدينة بنغازي في الفترة التي تلت الحرب .. و كان من الطبيعي أن تبدأ المواهب الفنية في تلمس طريقها بعد أن استعادت المدينة هدوءها واستقرارها .
ومنذ نهاية الأربعينيات من القرن الماضي وحتى نهاية الستينيات برز اسم الموسيقار الفنان مصطفى المستيري في المدينة كمعلم للموسيقى وكان له الفضل في تعليم الكثير من الفنانين والملحنين والموسيقيين العزف على آلة العود.
أجاد الفنان مصطفى المستيري العزف على آلات العود والكمنجة والقانون .. وكان من أوائل الموسيقيين والملحنين في مدينة بنغازي رغم أنه كان مقلا في ألحانه .. وكان ( أبويونس ) هو الإسم الذي يمهر به ألحانه .
وقام بدور كبير في تعليم الموسيقى لأبناء المدينة .. وكان عضوا في لجنة اختيار نصوص الأغاني في عام 1966 مع الفنان علي الشعالية وكل من الشاعرين راشد الزبير ومحمد الصابري ..
وفي عام 1978 سافر الأستاذ مصطفى المستيري إلى لندن للعلاج وهناك لم يمهله المرض طويلا فانتقل إلى جوار ربه .

ســيرة فنــان موهــوب :

ولد الفنان مصطفى محمود محمد المستيري في شارع ( سيدي سعيد ) بمدينة بنغازي عام 1914 .. ودرس المرحلة الإبتدائية في المدرسة الإيطالية لمدة 3 سنوات .. ثم سافر إلى مصر ودرس فيها.. وقد عمل موظفا بالصحة منذ عام 1945 وحتى عام 1970.. وافتتح بعد ذلك مكتبا للترجمة والكتابة العمومية في شارع ( سيدي سالم ) .
ويذكر جميع الذين كانوا على صلة به أنه كان إنسانا دمث الأخلاق ومحبا للآخرين .. وكان من ضمن أصدقائه الملحن سالم بشون والفنان علي الشعالية والشاعر أحمد رفيق والأستاذ الشريف الماقني بومدين والسيد مصطفى امنينة .
كان مصطفى المستيري يمتلك ثقافة جيدة .. ويمتازبخط جميل .. و يجيد اللغتين الإنجليزية و الإيطالية ويطالع الكتب والمجلات.. وهو من المعجبين بأغاني الفنان محمد عبدالوهاب وألحان الموسيقار فريد الأطرش .. كان يحفظ أغانيهما إضافة إلى حفظه للعديد من الأغاني والألحان العربية .. وكان أخوه محمد المستيري هو من علمه العزف سماعيا على آلة العود .
بدأت علاقته بالإذاعة المسموعة في منطقة ( راس عبيدة ) عام 1957 .. متعاونا مع الفرقة الموسيقية بها .. لكن شهرته الأكثر كانت في تعليم الطلبة العزف على آلة العود في زمن لم يكن فيه معهد أو مدرسة لتعليم الموسيقى ..
كان الموسيقار المستيري يفتح بيته في المساء لتعليم الطلبة الموسيقى .. و في فترة تعليمه الموسيقى للطلبة استأجر بيتا يقع في شارع الشويخات .. ليتخذه مقرا لتعليم الموسيقى ثم عاد بعد ذلك للتعليم في بيته .
وضع المستيري من تأليفه بعض المقطوعات الموسيقية كما لحن بعض الأغاني ومن أشهرها أغنية تقول :
( عينيك خضرة والشعر مترامي .. أسود وخدك بالحمورة ضاوي )
وهي من كلمات الشاعر الغنائي عبدربه الغناي وغناء الفنان طاهر عمر .
تعلم العزف على يدي الموسيقار مصطفى المستيري العديد من الفنانين الذين نذكر منهم :
الملحن يوسف العالم ــ الفنان أحمد كامل ــ الملحن عبدالجليل خالد ــ الملحن ابراهيم أشرف ــ الفنان طاهر عمر ــ الفنان محمد الفناص .
كما تعلم العزف على يدي المستيري الكثير من هواة الموسيقى والطلبة من أبناء المدينة .. ويذكر الأخ مفتاح الطويل أحد طلبة الموسيقار المستيري حكايته معه قائلا :
في عام 1963 .. كنت أرغب في أن أتعلم العزف على آلة العود فقصدت المقر الذي يتواجد به الأستاذ مصطفى في شارع ( الشويخات ) .. فقابلته وكان رجلا في العقد الخامس من عمره يقوم بتدريب الطلبة على آلة العود .. وطلبت منه أن أتعلم العزف على آلة العود .. وكنت في ذلك الوقت أعمل نهارا وأدرس ليلا .. فنصحني الأستاذ مصطفى بأن أكمل دراستي ثم أتعلم العزف .. لكنني كنت مصرا على تعلم العزف على آلة العود .. فسألني الأستاذ إذا كنت أملك عودا أم لا ؟ .. وأجبته بأنني أمتلك آلة عود في بيتنا بمنطقة ( الصابري ) .. فما كان منه إلا أن أعارني دراجته .. وركبتها مسرعا إلى بيتنا وأحضرت العود .. وعند عودتي إليه ناولني ورقة قائلا لي :
ــ هذا هو قانون التدريب لدي
وكان مكتوبا في الورقة قيمة الإشتراك الشهري وهو مبلغ جنيه ونصف .. وكذلك أيام التدريب على العزف والتي كانت يوما بعد يوم .
كما ذكر الموسيقي ادريس ياسمينة أنه تعلم العزف على العود عند الأستاذ مصطفى المستيري عام 1965 .. وقال :
درست الموسيقى والعزف على العود على يدي الأستاذ مصطفى لمدة عام كامل تقريبا .. حيث عرفت المقامات الموسيقية وأتقنت العزف حتى قال لي الأستاذ مصطفى :
ــ لقد علمتك كل ما أعرف في الموسيقى ووضعت قدمك على بداية الطريق ..
كان الموسيقار مصطفى المستيري حازما ومنضبطا في أثناء تعليمه لدروس الموسيقى .. وكان لكل طالب يدرس لديه كراسة خاصة به يدون فيها بعض المقطوعات الموسيقية من تأليف الأستاذ المستيري إضافة إلى المقدمات الموسيقية لبعض الأغاني العربية ومنها :
ــ مقدمة أغنية ( أنت عمري ) لأم كلثوم
ــ مقدمة أغنية ( قول لي حاجة ) لعبدالحليم حافظ
ــ مقدمة أغنية ( أنا وأنت ) لفريد الأطرش
ــ مقدمة أغنية ( أحب أشوفك ) لمحمد عبد الوهاب
ــ مقدمة أغنية ( خي خي ) لمحمد عبدالوهاب
ــ مقدمة أغنية ( النهر الخالد ) لمحمد عبدالوهاب

المجاهد مصطفى المستيري في فلسطين :

في عام 1948 بدأت أفواج المتطوعين من الليبيين في تشكيل كتائب للجهاد في فلسطين المحتلة.. وكان الوازع الديني والقومي قد حفزا العديدين على الإلتحاق بالجيوش العربية المقاتلة في الأراضي المحتلة .
وكانت جمعية عمر المختار قد افتتحت مكتبا لتنظيم استقبال المتطوعين للجهاد .. و انضم الأستاذ مصطفى محمود المستيري إلى الكتيبة الأولى التي سافرت إلى مصرفي عام 1948 ومنها دخلت إلى الأراضي الفلسطينية للمشاركة في المعارك الدائرة هناك .
اشترك المجاهد مصطفى المستيري في معارك ( بئر السبع ــ عشلوز ــ دير البلح ) وكان من ضمن المجاهدين الذين شاركوا في هذه المعارك :
ابراهيم سعد الزوي ــ فرج عبدالسلام الترهوني ــ مصطفى محمد السنفاز ـ علي مصطفى المغيربي ــ ابراهيم السنوسي المعداني ــ عثمان عمر بودبوس ــ ابراهيم عبدالله يحي.

مقالات ذات علاقة

أول مهندستين نوويتين ليبيتين!

عبدالحكيم الطويل

المبروك الزول.. المناضل والشاعر الذي تنبأ بالثورة – الحلقة الثانية

المشرف العام

صورة قلمية للدكتور محي الدين فكيني

أحمد إبراهيم الفقيه

اترك تعليق