قصة

خـبز التـنانـير

حزمت أمري واسترحت..

أحببت بنتاً وأسميتها ” وجه القمر”.. كان هذا في سن العاشرة، وعندما كبرت شاهدت وجه القمر على الشاشة، لم يكن إلا تضاريساً منهكة بفعل الزمن وأرض بور لا يزورها المحراث.

قررت أن أعشق من جديد.. هذه المرة رفضتني البنات فقد جاوزت الثلاثين فأحببت امرأة ناضجة كتفاح الجبل قبل أن يتهالك على صخوره الناتئات.. أسميتها ” تفاحة الدنيا ” وحزمت أمري واسترحت.

كبرت أكثر وخبرت الدنيا أكثر ووجدتها كائن خائن لا علاقة له بالتفاح.. فقررت أن اعشق من جديد.

عشقت سيدة هذه المرة..

كنت قد جاوزت الأربعين وكانت قد جاوزت ما لا يحصى من سنين القهر، كنا منهكين كجوادي سباق، أسميـتها “رغيف التنور”، لأن ذاكرتي لا زالت مزدحمة برائحة خبز أمي التي ماتت وتركتني استجدي صورتها كي لا تموت. كنت قد حزمت أمري واسترحت غير أن أسواق بلادي لم تعد تبيع خبز التنانير، واستبدلها العمال الوافدون ببراميل حديدية مخيفة تدمغ العجين الأبيض بقطع الصدأ والسواد المقيت..

لم يعد ثمة خبز تنتجه التنانير، ولم يعد لي في العمر بقية لأعشق من جديد.. وأنا الذي كنت واهماً، وأنا الذي كنت قد حزمت أمري واسترحت!!

مقالات ذات علاقة

الوزارة الجديدة

محمد ناجي

أحاديث ليلة صيفية

خديجة زعبية

منذُ حلمٍ بعيد

المشرف العام

اترك تعليق