قصة

خثارة بلل

بين النعيم وعدمه يؤرقني اعتدال أليم.. أرواح تزف إلى عوالم نورانية. غيب متلبد يطبق على  أفواه و أعناق الوجود فتنفرط قلادة الوصل وتلتقمها صديفات شفيفة.. فجر عدل عن الانبثاق ..خفافيش تحلقت في رقصات ماكرة.. الفراشات تنكفئ نائحة على الزهر المسبّت في دهاليز النعاس.. الأحاسيس تتمطط.. تشتبق.. تنفجر المآسي ..تزدردها المتاهات.

أفول.. أفول.. يستقطب كل مغرد‍ ذي جناحين.

بشارع عشرين خيام للمناسبات.. مكرهة دنوت.. إيقاع نبض تصاخب.. خطوي تلعثم وتعثر رغم فصاحة لسان الرصيف. خيمة المأتم بلغتها.. أزحت الرواق بارتعاشة مترنحة . كم أنا جبانة.. احساساتي استحلبتها فدرت ّ حليب المواساة.. استدعيت زمن رحيلها.. بدوار شعرت.. اعترتني اختلاجات حالبة لروح الدمع. أنا أين؟ لم أبرح ذاك المأتم هذا ما أحسسته .. أحزاني دفنتها وودّعت الأسى مذ التقيت حلمي المأمول..

أوه: ميمى ميمى .. ليس وقته الآن.. استشعرت القصاصة المدسوسة بين نهدي. تذكرت بأني سأخلع كسائي الخارجي فبادر مستودع الأثداء وضخها بنقطتين من عصارة العشرة.

استقبلتني صديقتي  بحفاوة حزينة. صافحت المقربات إليها.. احساساتي وقعت صريعة الضغوطات.. لمحتها تضع فويطتها الزرقاء تحت أنفها ماسحة آثار رشح.حينها انكسر شعاع نظري على نهديها الشامخين ر! غم الحزن.. ضربت بيدي على جبهتي. فكرت بالقصاصة..تجولت علامات الاستفهام في تخوم تفكري ..أين سيؤّول مستودعها؟

تمالكت نفسي..ولم استطع تدارك نفسي نفسي .. أوه نسيت

– هذه قصاصة عزاء من محمد

التهمتها بعينيها الدامعتين وبعناية فائقة أودعتها بين نهديها..

رعشة مبهجة..سرت في تقاسيمها الآسية..

قدحت عيناها وشعرت بتقزم آلامها.. ألهى أنها نشاّجة  محرورقة.. دموعها مهراقة.. حروقي أشد تمهرق .. بكف مرتجف ربت على كتفها.. هكذا عاملوني في المأتم القريب البعيد !..

– خلوها تبكى كامدة عبرتها..

خشيت انبلاج طيف حنان أختي فيتهاوى اصطباري أتصدع وسط الحشد مقدمة رسالة دكتوراة في العويل واللطم.. لاحظتْ نظرات متضمرة على وشك الانقضاض خفضت بصرها .. ابتلعت ريقها وكأنها في حضرة قسيس أخرجتها وناولتها صديقاتها اختنقت من قبضة إلى قبضة.. وجفت .. بل غـرت من جملة المواسيات اللائي لامسن قصاصة حبيبي.. حلمي المأمول.. لا يوجد آمان.

– أسلوبه رائع..

– ليته يراسلني..

– عباراته مؤثرة في المخيخ..

– تمنيت لو يمت لي أحد!

– أه .. أه .. أه ه ه ه

آه سلخوني حيّة.. قتلوني.. لن أكون ساعيته مرة أخرى.. سأداري على فتيلتي من ريح المآتم والمناسبات.. الطقس حار.. ثدياي يخزهما صقيع قارس.. أمي.. حنّـو.. عيناي زفيرهما حار..نهار للعذوبة.. يبدو أنها رأتني أو المأمول شعّ مني.. فأعادت لي القصاصة.. أقرأيها.. أسلوبه مبكى.. مرعف للآثداء.. تناولتها بلهفة وابتسمت من قلب قلبي.. كان اللبن الذي يبللها أخف كثافة من لبني..

مقالات ذات علاقة

رقاص الساعة…

هدى القرقني

بلاد الكوميكون

عزة المقهور

حسين شاشي

نجوى بن شتوان

اترك تعليق