شخصيات

بنت الوطن : زعيمة الباروني

الراحلة زعيمة الباروني عن الشبكة
الراحلة زعيمة الباروني
عن الشبكة

السيدة زعيمة الباروني من الرموز الوطنية التي تركت بصمات واضحة على الخارطة السياسية والادبية لهذا الوطن. وكانت لها إسهاماتها المتنوعة كمربية، وكاتبة، وقاصة ومؤرخة. ولدت هذه السيدة عام 1910 في مدينة جادو الجميلة بجبل نفوسة. كانت ولادتها في بيت يهتم بالعلم ويرسخه مبكرا في إبنائه و بناته. كان والدها سليمان الباروني شخصية شهيرة و مميزة حيث كان عضوا بالبرلمان العثماني و زعيما سياسيا و شاعرا و قائدا للجهاد، فتلقت تربية حسنة و نشأت على حب الوطن والخير وعلى تحمل المسؤليات. و لقد كان لهذه التنشأة بصمات عميقة على تكوينها النفسي والوطني والإنساني.

تلقت زعيمة الباروني دراستها باللغة التركية في اسطنبول و عشقت مبكرا القراءة و الكتابة. أتاحت لها مكتبة والدها أن تنهل من المعارف و العلوم المختلفة و أن تكون مبكرا حصيلة لغوية مميزة. عاشت جزء من حياتها في المنفى مع والدها الذي كان يتنقل بين بلدان عدة فساعدها ذلك على غزل علاقة عشق مع الوطن و على الانفتاح على المجتمعات و الثقافات المختلفة.

بعد وفاة والدها عادت هي و أخوتها من سلطنة عمان الى أرض الوطن وأستقرت الأسرة بمدينة طرابلس حيث التحقت السيدة زعيمة بقطاع التعليم فتم تعيينها مُدرسة بالمرحلة الابتدائية ، ثُمَّ أصبحت فيما بعد مفتشة ، ثم نائبةً لمديرة دار المعلّمات ، فرئيسة لمكتب محو الأمية. ولم تكتف السيدة زعيمة بعملها في التعليم بل كانت لها دورها الريادي في مجالات عدة. فقد كانت من رائدات العمل النسائي حيث ساهمت في نشأة وتأسيس جمعية النهضة النسائية عام 1958م.

كما كانت من أوائل النساء اللائي تجرأن على الكتابة الأدبية حيث اتجهت الى كتابة القصة و نشرت أول مجموعة قصصية تكتبها أمرأة بليبيا عام 1958 و تعتبر هذه المجموعة (القصص القومي) ثاني مجموعة قصصية تصدر في ليبيا بعد مجموعة (نفوس حائرة) لعبد القادر بو هروس سنة 1957 . وكانت معظم قصصها تدور حول بطولات المجاهدين الليبيين في مقاومة الاحتلال الايطالي و شجاعة المرأة ومشاركتها للرجل في مقاومة الاحتلال و تعكس روح النضال التي عاشتها مع والدها طوال سنوات الهجرة الشاقة.

كما سعت السيدة زعيمة الى المساهمة في تنمية وعي المجتمع عبر الكتابة في الصحف. حيث نشرت مقالاتها تحت أسم بنت الوطن في جريدة “طرابلس الغرب”، ومجلة “صوت المربي”، ومجلة “هنا طرابلس الغرب”، فكسرت بذلك حاجز التمييز بين الرجل المبدع و المرأة المبدعة. و كانت مقالاتها تتحدث عن معاناة ابناء و بنات الوطن و تدعو الى تربية النشء التربية الحسنة التي تحافظ على التقاليد و تنفتح على العالم و الى النهوض بالمرأة والمجتمع عن طريق العمل والمعرفة. كما شاركت السيدة زعيمة في عدة مؤتمرات نسائية و أدبية . وقامت بتمثيل بلادها هي و السيدات حميدة العنيزي و صالحة ظافر في مؤتَمَر الْمَـرْأة الأفـروآسيوية بالقاهرة سنة 1960م .

كما قامت بتأليف و تحقيق عددا من الكتب منها كتاب “صفحاتٌ خالدةٌ من الجهاد : الْمُجَاهِد الليبي سليمان البارونِي ” ، وديوان (السيف الوقاد) لإبراهيم بن قيس الحضرمي وهو كتاب يتحدث عن مفاخر العروبة والإسلام و كتاب (أبي كما عرفته) وهو كتاب عن حياة والدها سليمان باشا الباروني. ولقد عكست كتاباتها عمق احترامها و تقديرها لكفاح والدها و انعكس هذا الاحترام في وصفها لتفرغها للقيام بتربية ابناء أخيها ابراهيم :« إنّي أُعَاهِدُ الله أنْ أبذلَ جهدي في تنشئة أبناء أخي إبراهيم التنشئةَ القويْمَةَ التي أرادها لَهُمْ جَدُّهُمُ المرحوم الوالدُ الباشا ، ولو كَلَّفني ذلك إلى آخِرِ قطرَةٍ من دمي » .

وفي يوم الاثنين 10 مايو 1976م انتقلت السيدة زعيمة الباروني الى رحمة الله بعد أن عاشت حياة مليئة بالعطاء و الابداع و كانت مثلاً يحتدى به كمعلمة و مربية و أديبة و أبنة رسخت معاني الوفاء و الاخلاص لأبيها وأسرتها ووطنها. و لقد نعتها الأديبة لطفية القبائلي قائلة : ” إنها الابنة البارة، المرأة الوقورة دائما، المتدينة دائماً، أتخيلها بصوتها الخافت حتى ليصل إلى الهمس، أتخيلها الآن وهي تنصحنا في ساحة المدرسة: إياكن يا بناتي والبعد عن كتاب الله، إياكن وتضييع الوقت، أطعن والديكن دائماً، لا تبخلن على آبائكن بجهد، لا تهملن في إدارة البيت، فالفتاة الناجحة هي التي تنجح في الميدانين حتماً بيتها وعملها”.

مقالات ذات علاقة

‘‘أوندينا باراديل’’ الشخصية التي أجادت ممارسة الدبلوماسية الثقافية في ليبيا

المشرف العام

«جنقي» الذي مات في الحبّ: خليفة الفاخري… نحّات القصة الليبيّة

المشرف العام

في ذكرى شيخ الشعراء

المشرف العام

2 تعليقات

إيناس المنصورى 11 مايو, 2015 at 23:26

مرحبا استاذ عطية ، ألم يكن من الامانة العلمية الاشارة لمصادر ومراجع مقالك ، فأنت تقريبا نقلت المكتوب فى بحثي حول السيدة زعيمة الباروني والمنشور على مدونتى المحيط بتاريخ 9 مارس 2015 ، وقبلها بموقع جيل ليبيا

http://almuheet.blogspot.com/2015/03/blog-post_9.html

رد
عطية الأوجلي 12 مايو, 2015 at 08:06

مرحبا أ. ايناس … المقال قديم تم تجميع مادته منذ اكثر من عام من مصادر مختلفة وتم نشره في عام 2013 وربما تكون احدى مصادره مقالك اذا ما تم نشره قبل التاريخ الذي ذكرت. عموما لك اعتذاري ان تم الاستعانة بمقالمكولم يتم التنبيه لذلك ولا يمكن ان يكون الأمر مقصودا… وتمنياتي لك بالمزيد من التألق.

رد

اترك تعليق