المقالة

قباعيات 10

10- “التوفير عمل”

كيف يكون ذلك :
حقيقة أن  الفرد الليبي خاصة أوالشعب الليبي عامة، وبرغم كل الظروف وكل الجراحات التي ألمت به مؤخراُ، و حاولت أن تٌفكك المنظومة الحياتية  والمعيشية بداخله، أثبت ويثبت  أنه شخصاً أو شعباً صبوراً، ويتمتع بقدرة عالية على التحمل ،كونه ولا يزال يتصف بخصوصية متفردة ساهمت في صموده وقدرته على البقاء والمقاومة.

هذه الخصوصية تمثلت في مجموعة العادات والتقاليد والقيم  التي تجرعها ضمن منظومة التربية التي يتوارثها، والتي يطلق عليها اصطلاحا متفق عليه إلا وهو مصطلح (ثقافة ولد البلاد )، فتمسكه بالسلوك الثقافي والتربوي المحافظ، ودون أن نتجاهل أو نغفل أن ثقافة إبن البلد هي ثقافة أصلية متأصلة بل متجذرة في وبكل إنسان في بلاده، ،إذن كانت ولا تزال عادات معيشية معينة ساتسهم ، بل وتساهم  في قدرة الإنسان الليبي على التحمل و مقاومة سوء المعيشة والأزمات الاقتصادية المتعاقبة التى سادت طيلة هذه السنوات العجاف.
… فمن ثقافات الفرد الليبي و الأسرة الليبية كانت ولا تزال عادة الادخار وعادة التملك ، وكذلك عادة تأخير تقسيم التركة ( الورث والميراث ) للإبقاء علي تماسك النسيج الأسري لأقصي مدي.
وبما أن ” التوفير عمل ” فالأسرة الليبية الواحدة تمتلك لا يقل عن خمسة سيارات ، الأسرة الليبية تمتلك منزلا أو أكثر وكذلك عدد من قطع الأراضي ، إن لم تكن مزرعة، المرأة الليبية تمتلك الحُلي والذهب.
الأسرة الليبية لدي أفرادها مرتبات حكومية أو متاجر أو نشاطات تجارية صغيرة  الخ.
كل هذه الممتلكات أوجدتها خصوصية الفرد الليبي وخصوصية معيشته بالمقارنة مع أفراد وأسر في بلدان آخري، فساهمت على صموده وطول مقاومته في ظل تردي الأحوال المعيشية.
قد يظن المتآمرون علي الشعب الليبي الطيب وبحسابات مغلوطة، أنه و بزعزعة استقرار ومنع تدفق النقود في البنوك أوبالتشكيك وزرع الفتن أن الدولة الليبية ستنهار في مدة زمنية قصيرة !! … لكن وفي غياب الدراية الكاملة بخصوصية ثقافة ( ولد البلاد ) في وطننا، قد خسر المتآمرون الرهان، حتى ولو بقت الأمور مستدامة التأزم هكذا ، لكن الحلول والتي يستخدمها الليبيون ستبقي موجودة ومستدامة كذلك.

مثال :
طالبان عازبان تم إيفادهما  للدراسة في  جمهورية مصر العربية  علي حساب المجتمع مثلا ً وقد أوفدا وهم لايمتلكان أي مدخرات على الصعيد الشخصي، فقام  أحدهم بتأجير سكن للإقامة تمثل في شقة بمبلغ 2000 دينار مصري شهريا، وتعود أن يتناول طعامه خارج السكن  اي في المطاعم بشكل روتيني و مستمر فأنفق مايساوي الـ (40 ) دينارا يوميا ، اذاً فقد أنفق الـ (1200 ) دينارا شهريا ًتقريبا في المأكل أما ملبسه ، فقد تنوع بحسب المزاجية فأنفق مايقرب  الــ ( 100 ) دينار شهريا.
وفي المواصلات أنفق الـ (450 ) دينارا شهريا ، واستمرت الدراسة ما يقرب الثلاثة  سنوات .
فأنفق الطالب الأول  في تلك الثلاثة سنوات حوالي  ماقيمته ( 72000 ) ديناراً،   في السكن ، وأنفق الـ ( 43200 ) في المأكل ، وأنفق كذلك الـ (3600 ) في الملبس، وفي المواصلات أنفق الـ (16200 ) اذا مجموع ماأنفقه هو (132200 ) دينارا في خلال دراسته.
  بينما الطالب الآخر قد قلص مصروفاته بطريقة مدروسة ،فقد تعمد أن يشارك طلبة أربعة آخرون في سكن شقة  فأنفق فقط  الـ ( 500 ) دينارا شهريا في السكن ، ثم أنفق بالمشاركة الـ  (10 ) دنانير يوميا في المأكل فأصبح ينفق الــ(300 ) ديناراً شهرياً، أما ملبسه ، فقد فضل أن يرتدي لباسا رسميا عن طريق الذهاب لأمهر الخياطين  ، فقام التفصيل ، فقام  بتفصيل عدد (5) بدل بمختلف الألوان دفعة واحدة فكلفت مايقرب الـ( 500 ) دينارا لاغير .
أما المواصلات فقد كانت متساوية مع الآخر، فأنفق (450 ) شهرياً.
أذاً مجموع ماأنفقه الطالب الثاني في نفس الثلاثة السنوات هو الـ ( 18000 ) في تكاليف السكن ، ثم أنفق الـ (10800 ) في المأكل وأنفق الـ في (500) دينارا تقريبا ، و الـ ( 16200) في المواصلات .
إذن مجموع ما أنفقه  الطالب الثاني هو (46300 ) طيلة الثلاثة سنوات.

وبحسبة بسيطة بين  مصروفات الطالبين نجد الأتي :
132200 – 46300 =    85900 دينارا
إذن الطالب الثاني قام بتوفير مايقرب عن الــ ( 85900 ) في تلك الثلاثة سنوات.

بالمقارنة بالطالب الأول.
وبتقسيم هذا المبلغ على  (1000) دينار وهو متوسط مرتب العامل الليبي بمقارنة فرق العملة بين الدولتين ( ليبيا ومصر ) يصبح الطالب الثاني كعامل ليبي عمل في مؤسسة طيلة ( 85 شهراً ) وتقاضي مرتبا وقدره ( 85900 ) دينارا يمكنه من شراء سكن .
اذا بثقافة التوفير عمل يمكنك تحقيق أهدافا لايستطيع تحقيقها شخصا آخر تعرض لنفس الظروف

مقالات ذات علاقة

أصيل ابحير.. وديكتاتورية الأدوار

المشرف العام

مقالات قصيرة

محمد دربي

عندما يتداعى …. هيكل !!

عوض الشاعري

اترك تعليق