عبدالسلام الفقهي يحاور الكاتب عبدالعزيز الزني (عدسة أحمد الغماري).
حوارات

عبد العزيز الزني : المونودراما لا تعني الغاء المسرح الجماعي

حوار: عبد السلام الفقهي
عدسة : أحمد الغماري

عبدالسلام الفقهي يحاور الكاتب عبدالعزيز الزني (عدسة أحمد الغماري).
عبدالسلام الفقهي يحاور الكاتب عبدالعزيز الزني (عدسة أحمد الغماري).

يحاول القاص والكاتب المسرحي عبد العزيز الزني , رؤية عالمه الابداعي من نوافذ عدة , القصة والمسرح , وأدب الطفل , وهو في ذلك يبحث عن أفق يصله بروح المكان والزمان , وعن أجابة لأسئلته في الحياة والناس , وعن صياغة منطقية لفحوى النص الركحي خصوصا والذي يستحوذ على مساحة أكبر في أهتماماته .
من ذلك نقف عند بعض من ملامح هذه التجربته في حوار كان على النحو التالي :

ماهو شعورك ككاتب, عندما سيطر داعش على مدينة درنة ؟

الكاتب لا يختلف عن المواطن في هذا الشعور , فنحن عشنا سويا في حالة ترقب , وكان لدينا يقين أنه عارض مؤقت ولن يطول استمراره , باعتباره وضع يعارض طبيعة المدينة , على الرغم من كونه حادث فجائي صدم به الجميع لمدة تسعة أشهر .

هل رصدت هذه الحالة كتابة ؟

ربما يمكنك ان تعرقل مجرى الحياة لكنك لا تستطيع ايقافها , , الكاتب يتأثر باللحظة التي تشكل بالنسبة له تحولا في محيطه, ويحاول ترجمتها ابداعيا, ناقلا مشاعر واحاسيس شخوصها ,وعملية الابداع ايضا , ليست زر يضغط , ولا يمكنها ان تكون , وتبقى لحظة الكتابة و ارهاصاتها أمر اخر, فهي تأتي بلا موعد , اذكر عندما الفت مسرحية (زيارة ذات مساء), لم أخطط لها , كنت آنذاك ازور قبر والدتي , من ذلك الموقف ارتسمت في مخيلتي تفاصيلها , كذلك مسرحية (أجمل جنية في العالم ) , فحين تختمر الفكرة تأتي لاحقا أكثر نضجا ووضوحا ودقة .

كتبت القصة الطفلية , و قصصا للكبار , أيهما كان أقرب للتعبير عن الحرية ؟

ربما القصة الطفلية هي الاقرب , لبساطتها ووضوحها مثل قصة (الملك ) , (ومن لا يحب الزهور شرير) ..الخ , فهناك شيء ما مرموز تريد ايصاله للقارئ , طفلا او كهلا , فحكاية الملك التي فقد فيها اسد الغابة كل شيئ في لحظة , وأصبح يبحث عن عمل بل ويتنازل عن حريته مقابل لقمة العيش , هنا تتجسد معاناة الانسان في الحصول على أكل ومأوى , أيضا في قصة (حتى لا تتحقق الرؤيا ) نجد العصفور الذي رأى نفسه وقد اصبح ملكا لرجل ثري , يرفض كل عروض الاغراء للبقاء في القفص , واختار بأن ينهي حياته محلقا .

ما لذي جعلك تتجه لكتابة قصص الاطفال ؟

التوجه الى الطفل توجه الى أصل الاشياء , وهي عملية بناء ولكن بصورة مختلفة , , هي تشبه حالة المزارع وهو يشاهد البذرة كيف تنفلق , ويخرج منها لسان الحياة وتبدأ عملية النمو والتشكل , مما يعزز علاقته بالنبتة لأدراكه حقيقة تكونها , فالاقتراب من عالم الطفل كما الاقتراب من حديقة ممتلئة بزهور جميلة , وبأشواك حادة , فهو يمكنه أن يكذب ,وأن يمد يده الى حقيبة زميله ليحصل منها على تفاحة خلت منها حقيبته , عالمه يمكن أن يكون جميلا دائما اذا وجد التفاحة في حقيبته , عملي كمعلم ولعقود مكنني من تأمل وفهم خصوصية العالم الطفولي , وفتح أمامي أبوابا ما كانت لأعرفها . .

كتبت للمسرح وعن المسرح , اين وجدت نفسك ؟

عندما كتبت للمسرح وذهبت للدراسة في الخارج , زاد اطلاعي , وفهمي العميق لعوالم الفن الركحي , واصبحت لدي وجهة نظري نتيجة لهذا التراكم , وبدأت استوعب ماذا يعني ان تكتب عن المسرح , وأقدم تجربتي بالخصوص,.

الكاتب عبدالعزيز الزني (عدسة أحمد الغماري).
الكاتب عبدالعزيز الزني (عدسة أحمد الغماري).

كيف ترى الحركة المسرحية من وجهة نظرك ككاتب ؟

لابد من الدعم المؤسساتي, وتمكين الكاتب المسرحي من طباعة نصوصه ,ونشرها في شكل كتاب يوزع على نطاق واسع لتتاح قراءته لأكثر من مخرج , وذلك لا يتم الا بدعم الجهات المعنية , حتى لا نبقى أسرى قالب الاتفاقات الثنائية بين الكاتب (س) والمخرج (ص).

هل تعكف الان على كتابة نص مسرحي ؟

على وشك الانتهاء من كتابة نص ( زيارة ذات مساء 2), وهو مونودراما , بالإضافة الى نص مسرحي غنائي راقص , يروي قصة الحركة المسرحية من بدايتها الاولى في درنة الى رحيل محمد عبد الهادي .

كيف تقيم تجربتك في المونودراما ؟

ازعم ان مسرحية (ذات مساء 1) التي كتبتها واخرجتها 1987هي التجربة الاولى في المونودراما (الممثل الفرد) , وكانت ردود أفعال الجمهور تجاهها ايجابية , على خلفية ذلك تلقفها عدد من المخرجين منهم (احمد ابراهيم, أكرم عبد السميع , حسن ميكائيل ) ,في المقابل لا يظن أحد ان وجود شخصية واحدة يجعل كتابة (المونودراما )أمر سهل , فالتعامل مع أكثر من شخصية في عالم المسرح أيسر من التعامل مع شخصية واحدة , لأن المونودراما تفرض اهتماما كبيرا بالمؤثرات ومكونات المسرح باعتبارها شخوص أخرى .

أين تكمن أوجه التقاطع والاختلاف بالمقارنة مع المسرح الجماعي ؟ 

المونودراما لا تعني الغاء للمسرح الجماعي بل رافد له , فنحن نتكلم عن المسرح في كلا الحالتين , اضافة الى ان المسرحيات الطويلة جدا قد تحوي داخلها مونولوج طويل يشبه الى حد ما ايقاع الممثل الفرد .

ما الذي يحتاجه المسرح ؟

يجب ان يدعم الفنان المسرحي ليتفرغ للعمل داخل المسرح , قدمت اعمالا جيدة لكن ايقاعها ظل يراوح بين الاستمرار والتوقف , وهذا منع ما يمكن أن نسميه تيار مسرحي واضح الملامح ,اضافة الى أن المسرح عمل جماعي , وللأسف لدينا يؤدي الى النفور والانزواء بسبب ما يجره من صعوبات ,فمازال المخرج هو الذي تقوم عليه العملية المسرحية بكاملها , وهذا ضد منطق العمل الجماعي , هذه القضايا ينبغي معالجتها.

هناك من يعارض وجود المسرح تحت عباءة الدولة ؟

هل يستطيع المسرح الخاص ان يقول ما يشاء ؟ ستكون الدولة ممثلة في الرقابة, لذا يجب ان نبعد عن اذهاننا فكرة وقوف المسرح دائما في الصف المعارض للسلطة او الدولة , و اذا ما انتقد السلطة فهو يقوم بدوره التنويري بعيدا عن أي تأويل , بالرغم من كون المسرح تصادمي في صميمه مع الواقع , بهدف اصلاحه لا لتشويهه.

ماهو تقييمك للأعمال المسرحية خلال العقود الاخيرة ؟

عبدالسلام الفقهي يحاور الكاتب عبدالعزيز الزني (عدسة أحمد الغماري).
عبدالسلام الفقهي يحاور الكاتب عبدالعزيز الزني (عدسة أحمد الغماري).

هناك تراجع في قوة النص المسرحي , لأنه يقوم على التكوين المعرفي والثقافي للكاتب , وغيابه سمح بتسرب اعمال ليست في المستوى المطلوب , وبالتالي لابد من وجود بوابة تقيم النص وتقرر اعتماده او الغائه . 
كما تلزم الاشارة الى ضرورة الاتجاه الى بناء المعاهد المتخصصة في التمثيل والاخراج والديكور والاضاءة .. الخ باعتبار العمل المسرحي منظومة متكاملة القواعد والاسس .
الدراسة هنا أمر لايطرح للنقاش واذا تعذر ذلك فالمهموم بالمسرح سيجد في الواقع الافتراضي (الانترنت) بديلا جيدا للتحصيل , كذلك اقامة الورش وتواليها بشكل دوري منظم , وفي الآونة الاخيرة كان هناك مهرجانا مسرحيا بدرنة , ورغم محدودية الفرق المشاركة الا أنه أظهر قدرات رائعة في العناصر المكونة للعمل المسرحي .

تحضر الغابة ويغيب البحر في النصوص الدرناوية لماذا ؟

صحيح , وهو ما حاولت الاجابة عليه في كتاب تحت الطبع (درنة هبة الساقية ) والذي يشرح العلاقة الغير حميمية بين مدينة درنة والبحر, ربما أشير الى بعض منها فمثلا أكثر من تسعون بالمائة من أهالي المدينة يمارسون مهنة الفلاحة وهي مرتبطة بالغابة والتراب , كذا الاساطير في التراث الشعبي والتي تقول احداها أن البحر يأخد في كل صيف روح أحد ساكني المدينة .. الخ .

مقالات ذات علاقة

الكاتب يونس الفنادي لبرنيق: الثقافة وطن مسكون بالتحدي.. تحدي المعرفة تجاه الجهل وتحدي الجمال في وجه صور القبح

منى بن هيبة

حوار صحيفة الديوان مع القاص حسن أبو قباعة

المشرف العام

القاص محمد المغبوب/ الكتابة لدي هي عملية بحث متواصل

المشرف العام

اترك تعليق