من أعمال التشكيلي الليبي بشير حمودة.
قصة

وادي لبخوت

من أعمال التشكيلي الليبي بشير حمودة.
من أعمال التشكيلي الليبي بشير حمودة.

تمايلت أطراف الرداء وغاص الحذاء في الطين تململت “جازية” من الحال ورددة في حبور

“بعد دناه صار خطاه عزيز مالنا في عشرته “

كتمت الألم وأقبل تلملم مالها من أغراض بسحاريتها ثم أردفت

“ياعشرة العمر ياهاينة “

تنحنح الحاج “عبد الدائم ” قائلاً

“مثني وثلاث ورباع وشرع الله مافيه قول قايل “

ثم أقبل يدخل عروسه ومسد لحيته بنظرة بها من اللؤم مايكفي ليقتل قلب “جازية”

دخلت”الذابلة” كانت قبيحة ولها رائحة تشبة الدهن لها وجه متجعد وشعر أجعد لا تملك ناباً وذات مبسم يثير الفزع وقد غطتها مراهم الكبريت لتهدأ حكة الجرب المربكةُ

أفزع القبح”جازية” حينما أقبلت العروس تلقي عليها السلام ظلت الدهشة ترسم ملامحها قالت وما استطاعت كتم القهر

“هذه العروس ! تبدل البياض وتمشي للغياض ! .”

كان “عبد الدائم “رجل فائض الحب “للذابلة ” التي بدورها لا تجيد حتي الحديث ولها لسان متلعثم وبها من سوء القول والفعل مايجعلها “هبلة ”

وكان رد “عبد الدائم ” لامبالياً بما تقول كما لو انه لايسمع

“العشاء ياأم الضنا”

توسدت جازية”  خيبتها تلك الليلة أعدت للعرسان عشاء يليق بكرم عبد الدائم وبكت حتي أشفق النوم بحالها فزارها

مرت الأيام كعدو غزالة لا شيء يسر القلب ولا معاملة “عبد الدائم” تلوح بالعدل ظلت “جازية “الجميلة خادمة تحت أمرة “الذابلة” العفنة حتي رأت ذات نهار وجه “عبد الدائم” الذي يمسح عن ظهر حبيبته مراهم الكبريت ويمسد جسدها بماء ونشا بغية تبريد حرات الجرب وحكاته بينما لايبدي لجازية العفيفة النظيفة أي إهتمام

فاض الغيظ بها وتعاظم وأقبلت تضع جرداً فوق ردائها قاصدة بيت القاضي في “وادي البخوت ” سارت حتي ملت من السير فرأت في الأفق “فارس”يرتدي عدة من فضة وله خَيل أبلق ممشوق القوام أقبلت عليه إذ به من الجمال ما يليق بلفت النظر هزها جماله حتي كاد أن يغريها طلبت منه الماء فلا أجابها ولا أكرمها وتركها بأناقة النذاله تكمل الطريق دون مساعدة حتي رأت عجوزاً هرِماً يتمايل بظله يجر عنزة تكسوه القذارة والعفن توقف العجوز أمامها متسائلاً

“ويش جابك لوادي لبخوت ! وين مافي القاضي ؟”

“عندك موت ولا خراب بيوت ولا عدو ولا بال فاضي ؟

أقبلت الريبة تتلبس “جازية” فأجابت بأرتباك

” حال مائل وقهر دايل “

ضحك العجوز أهداها قدحاً من الماء جرها حتي خيمته

أقبل يطعمها ويكرمها حتي باحت له بما في جعبتها من مرارة وحزن .

رفع العجوز رأسه متسائلاً إذ ما كانت قد رأت فارساً بعدة فضية يجوب الوادي قبل أن تلتقيه

فردت جازية  بأنها رأته وقد أقبلت عليه فتغطرس  وتكبر وتركها

ضحك العجوز وقال :

تميل النفس للغير حين تفيض الروح بالشهوة تعتلي صهوة الوجد فلا تري ولا تسمع أما الفارس الذي رآيتي هو أنتِ فلا شيئاً فيك لا يلمع لكن التعالي ملاذ الشياطين آما آنا فهو هي وجه لا يقبل عليه إلا من رآي قلبه ! ،

فزعت جازية وعادت راكضة آسفاً وندماً تمسد جسد “الذابلة”  وتمسح عنه مراهم الكبريت .

بنغازي 2018 م

مقالات ذات علاقة

قرن الفلفل

عزة المقهور

مسرحية الحياة

رشاد علوه

الغائب

المشرف العام

اترك تعليق