من أعمال المصور أسامة محمد
طيوب النص

التجرِبة العشوائية

من أعمال المصور أسامة محمد
من أعمال المصور أسامة محمد

 

أنا كرةٌ حمراءُ في صندوق.. واحدة من ثلاث كرات تحاول أن تكون متطابقة حدّ الرتابة.. ثمة كرة رابعة تكسر حدة ارتباطنا المفرط في قسوته القَدَرية؛ كرة وردية متناغمة إذا ما احترمنا أن الألوان ليست حقيقة الأجرام… على امتداد اللحظات القليلة القادمة (في تجربة نعرف جميع نتائجها المحتملة سلفا) ستمتد يدٌ إلى ظلمة الصندوق لتختار كرة واحدة (لا نعرف على وجه الضبط أية من هذه النتائج هي قَدَرُنا). ثمة طريقان إذن: طريق وردي وآخر أكثر دموية.. أنا لست الطريق المحفوف بالورود لكنني أيضا لست أيا من الكرتين الأخريين فلماذا يصر صاحب هذه المذبحة الإحصائية على أننا طريقان فقط.. من جهة أخرى أنا مضطرة إلى الكذب القسري والقولِ إنني لم أعد أميز نفسي عن الكرتين الحمراوين الأخريين. بل لست واثقة تماما من أنني أنا أم أنني الكرة الجالسة جانبي في العَتَمَةِ. يؤلمني جدا وضعي الخاص الذي يمكن أن ينطبق على أية ضحية أخرى من ضحايا التجارب العشوائية.. تؤلمني مرجعية الناس الاعتباطية في الإشارة إلينا على أننا شيء واحد (هل هذا ما قصدت بارتباطنا المفرط في قسوته القَدَرية؟).
.
على خلاف طريقَيْ روبرت فروست (المدجج بالسؤال والمعرفة المغلوطة) فأنا على وشك أن أكون أحد طريقين مطروقين.. ولهذا تنتابني مشاعر انتقامية تجاه قراء هذا النص الذي أنا جزء من طريقَيه.. تجاه عيونهم المنزلقة على الكلمات وهوسهم بالتأويل.. تجاه من يرون أنني واجب مدرسي في مادة الكتابة. أو من يرون أنني موقف مقلوب لكاتب يهوّل مسألة هامشية.. أنا مسؤولة عن فضح كاتبي الذي يسعى إلى ارتكاب مجزرة أخرى في عدد لا متناه من الخيارات الإحصائية.. يسعى إلى عجن الكلمات غير المطروقة والمطروقة في الوقت ذاته.. ثمة تفاصيل وطرق شائكة لا منتهية. كان ممكنا أن يكتبني على أنني الكرة الوردية ويقول على لساني: (أتعاطف مع بحيرات الدم الكُروية التي لا أعرف كيف أمقتها).. كان ممكنا أن يلج درب التجربة المعتم ويفصح بجدية كلاسيكية أن احتمال أن يكون الطريق ورديا يساوي 1على 4.. أما احتمال أن يكون أحمر فيساوي 3 على 4.

….

2015

مقالات ذات علاقة

على قبرك يا وطني

المشرف العام

منعطف من شارع DEWOLF حتى وسعاية البركة

المشرف العام

ليس كما ظننـا !

المشرف العام

اترك تعليق