الراحل خالد محي الدين.
المقالة

ما أجمل أن يكون لديك حلم جميل.. والآن أودع: خالد محي الدين

الراحل خالد محي الدين.
الراحل خالد محي الدين.
الصورة: الشبكة.

1-
فوجئت يوم الأحد 22 أبريل 2018 في مقابلة مع السيدة سميرة سليم بجريدة الأهرام، بأن زوجها خالد محي الدين حي، لم يكن لدي البتة أي معلومة عن وفاته لكن غيابه الطويل وعمره المديد جعلاني أفاجأ.

تحدث خلال الأيام المنصرمة عن هذا المتصوف الثوري، عن هذا الرومانسي الثوري، عن عمره المديد، رغم أنه في غيبوبة منذ وقت لكن بدا لي أنه في وجد الحياة، أنه في حال الحالم، الفارس العسكري من امتشق فرس الحرية كحالم وعاش الحياة كمتصوف.

هكذا خلال تلكم الأيام حتى اليوم الأحد 6 مايو حين زرت مقر جريدة الأهرام عند الظهيرة، في مكتب صديق صادفت خالد محي الدين من خلال كتاب مذكراته (والآن أتكلم)، ذكرت للصديق أني من أيام عرفت أن خالد محي الدين حي، وأني كتبت عن هذه المذكرات عقب صدورها عام 1992م بجريدة العرب الليبية/ اللندنية، وانتقدت ما جاء فيها لإعجابي وتقديري لكاتبها اليساري، من بدأ حياته ومذكراته مع الدراويش في التكية ثم كمشاغب في الكلية الحربية واسترسلت، لم انتبه أن الصديق حين علق على ما قلت ذكر أن اليوم ودع خالد محيى الدين الحياة.

لعل وجدي اليساري بهذا المتصوف الثوري ما دفع الصديق لإهدائي نسخة من الطبعة الثانية للمذكرات التي أصدرتها الأهرام هذه الأيام.

تأبطت الكتاب وخرجت لشارع رمسيس، عند باعة الكتب المستعملة جذبني ازدحام والبائع من بيده نسخة من المذكرات في طبعتها الأولي يشيد بصاحب المذكرات، ما فاقم ذهولي أن.. الآن ودع خالد محي الدين وأن الآن مذكراته بين أيدي البائع والمشترين، فقاطعت لغطهم رافعا نسختي من الطبعة الجديدة معلنا أني ليبي يشرفه أن يعلن مشاركتهم تقدير واحترام هذا الفارس النبيل. أحدهم وبيده نسخة من الطبعة الأولي شدني إليه وأمسك بيدي بحرارة ولم يقل ما يقول الليبيون في حال كهذا: العزاء واحد، لكنه قال أنه صديق جيلاني طريبشان الشاعر الليبي وأنه حزن منذ أيام لوداع الكاتب يوسف القويري، اسم هذا الرجل المصري المحب الذي لا أعرف: عمر الجعفري.

2-
حدث.. قال خالد محي الدين ما قال في (الآن أتكلم) وكتبت ما كتبت عن (الآن أتكلم)، اخْتزلَ القول في جملة في مقدمته للكتاب (وما أجمل أن يكون لديك حلم جميل)، وأختزلُ قولي فيما كتب: لقد كان الرفاق ديكتاتوريين مع الديكتاتورية وكنت ديكتاتور الديمقراطية والحرية.

وفي تلكم تبدو المعادلة الصعبة: كما صبوت كعسكري في سلاح الفرسان للحرية من خلال انقلاب 23 يوليو 1952 فإنك أفردت وكنت المفرد بصيغة الجمع، تحلم بالمستحيل فالحلم كذا هويته وكذا كنت، في هذه الصحراء كماء الغدير ما تكدره الشوائب لكنك الماء.. في الظل كنت لكنك الظل في الصحراء ما ندر الظل فيها والماء، وفي هذا لم تكن استثناء فأنت من تكية دراويش الحرية وفي هذا الاستثناء، ولهذا ما التقيتك لكنك الظل الذي التقيت أيها المتصوف في دنيا الحرية، أنت أيها الحالم العالم: أن أجمل ما يكون لدي المرء حلم جميل.

طال صمتك حتى تكلمت (الآن أتكلم)، ولم تتكلم قبل لأن ما فعلت ألهاك عن القول، النأي شيمتك عن الكلام والفعل طريقتك في الكلام والنزر القليل مما فعلت هو أنت أيها الكثير.

الديمقراطية لا يطرق بابها بالدبابات ما كنت تعرف لكن بذا طرقت، كمجذوب في الطريقة النقشبندية اتخذت المسار الذي رأيت: أن للحرية بابا بكل يد مضرجة يدق، فدققت ما كان عندك الحق، فصدقت مع النفس قبل ومع الآخرين بعد وبهذا ولهذا انزحت عن المسار وجنحت للحرية، الباب طرقته مع الرفاق وعنهم حدت فعدت بعد أن أنهيت المهمة.

ما أندر خالد محيى الدين وما أكثره كرومانسي ثوري.

3-
مما جاء في مقدمة (الآن أتكلم): “ويمضى الوقت لتلتف الواجبات أو الهموم بعضها ببعض، وتخلق دوامة لا يمكن الفكاك منها.

وأخيرا..

أدركت أنه ما من فسحة كافية، أو واسعة من الوقت، فقط هناك مساحات متناثرة لابد من محاولة اصطيادها الواحدة تلو الأخرى.

وهكذا حاولت”

يبدو لي أن المحاولة هي خالد محيى الدين الباب المفتوح لكل التأويلات فـ (باب التكية مفتوح لا يغلق إلا في السماء، وهل يليق بدراويش الطريقة النقشبندية أن يغلقوا بابهم في وجه إنسان؟).

ما أندر خالد محي الدين.

___________________

نشر بموقع بوابة الوسط.

مقالات ذات علاقة

أقتلـــــــني يا…..

جابر العبيدي

الـقـــنـصـل

مفتاح العماري

يا أمة المليار.. كل شيء قد ينهار

ميلاد عمر المزوغي

اترك تعليق