من أعمال التشكيلية سعاد اللبة
قصة

كن مطمئناً في الغياب

من أعمال التشكيلية سعاد اللبة

 

ذلك الكسـر العميق في الخاطر، سيجبره الله، ذلك الشرخ الفاجع في الروح الذي التهب ونز بالقروح بعدك وتلك الأسمال البالية وهندام القلب الممزق سيطويها الرحمن ويرتق الفجوات ويمسح الثقوب، كل شيء سيكون بخير فقط كن مطمئناً .

سأُشيع غيابك بالشعر سأتسلى بعدك ببعثرة القصائد، بالرسائل، بثرثرتنا الطفولية، بضحكاتنا، سأعيد أحاديثنا على المسامع، سأضحك من هفواتنا اللغوية وخلطنا للمفردات، ومشاكسة الحروف وجعل الكلمات الرائعة تخصنا وحدنا، سأتسلى بلحظاتنا المسروقة خلسة .

ثق بأني سأكتب أسمك مئات المرات في الدقيقة وسأنطقه كثيراً أثناء الهذيان المحموم وارتفاع حرارة الحنين واشتداد هوس الاشتياق .

سأرتب صندوق الرسائل والصور كما لو كنت موجوداَ، سأعيد قراءة الوارد والمرسل وصندوق المحذوفات و المحظورات وحتى المسودات ..سأجعل كل شيء على أهبة استقبال، سأعقد اتفاقاً سرياً مع الرياح وسأسترق السمع لهسهسة أوراق الخريف، وأنصت للغيوم والشمس والقمر وأتحالف مع الليل وأعقد العزم مع الفجر، أتحاور سراً مع كل ساعات النهار وأرافق المساء وأنتظر لعل الكون يرهف السمع، يخبرك بكل شيء ويأتي منك بــ أثر .

أذهب ما شئت، جازف وأمعن وتوغل في قطع المسافات المتقدمة الفاجعة، غادر مبتسماً ولا تلتفت، فأنا هي أنا كما عرفتني دائماً لا أهوى الانتظار إلا في قاعات الاستقبال و صالات الموانئ والمطارات والسفن العائدة، أنتشي لرائحة عرق العائدين و ترف عيني لحبر الجوازات المختومة والمؤشرة بالدخول، واستنشاق الغبار العالق بالحقائب والأحذية المتلهفة للرجوع، سافر، غادر، كن مطمئناً في الغياب .

مقالات ذات علاقة

قصة الحاج الزروق والحاجة مدللة وثورة فبراير! (3)

المشرف العام

الشكماجة

عزة المقهور

الحب يموت مرتين

المشرف العام

اترك تعليق