المقالة

كــتابـةٌ

إحدى القارئات طلبت في اتصال هاتفي أنْ أكتبَ عن الحب, وإضرام النار في الأفئدة الباردة..الأصدقاء مختلفون كالعادة.. بعضهم يرغب أن تتمحور كتاباتي في الشأن الداخلي وتحسس القضايا المحلية وتفجير(..) الأسئلة بخصوصها… بعضهم يصوِّب نظراته  الحارقة إلى عينيَّ مباشرةً.. كازاً أسنانه.. مكوِّراً قبضته, وهو يقول إن الأُمَّة  (…..) في حاجة للأقلام الجادة التي تكشف وتعرِّي وتهاجم.. بعضهم  يتساءل عن ا لموعد الذي يبدأ فيه اهتمامي بالمسرح والأغنية وكرة القدم… عدد قليل منهم يبدو راضياً عن تناولي  للمسائل.. وهذا الفريق الأخير لا يقرأ ما أكتب في أغلب الظن..

الرسائل التي تردني عبر البريد الإلكتروني ليست كثيرة، ولكنها جميعها عن الارتباكات في انتظام المرتَّبات وانسداد بلاَّعات مياه المطر وتوقف  برنامج الإسكان وانقطاع حليب الأطفال وسرقة السيارات وتذبذب مستوى الأعمال المرئية.. الأمر لا يتوقَّف عند هذا الحد.. أحد القرَّاء ناقشني قبل يومين عن جدار الموت العنصري وكأنني مَنْ أمر ببنائه.. وقارئ آخر طلب منِّي ضرورة تعديل لوائح الإيفاد, واعتماد أساليب جديدة عصرية لاختيار الطلاب (المعيدين) للإيفاد ليس من بينها الولاء الاجتماعي أو الحظوة..

معظم القرَّاء يعتقدون أن الكاتب يملك (عصا موسى) أو (المصباح السحري) العجيب الذي بوسعه  في لمح البصر إعادة تخطيط (حي الكيش) أو (بـوسـلـيـم) مثلاً, وزرع مساحاته الجرداء بالحدائق, ومسح الغبار عن سحنات سكانه, وتخفيف الزحام عن فصول مدارسه, والاهتمام بمصحاته ونواديه ومكتباته وأسواقه… يعتقد القرَّاء الطيبون أن الأمين, أو على الأقل الأمين المساعد يقرأ ما يُكتَب ويعالج الأمر فور صدور الصحيفة.. أو أن “كوفي عنان” يرفع حاجبه استنكاراً وهو يتناول طعام إفطاره أثناء مطالعته (….) للصحيفة بعد ترجمتها له, ويأمر بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لتطبيق الفصل السابع ضد الغزاة الصهاينة في فلسطين المحتلة…

القرَّاء الطيبون يعتقدون أن المسؤولين بشرٌ مثلنا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وأن وعودهم صادقة وحقيقيَّة, ويؤمنون مثلنا بأن الأيام يداولها رب العالمين بين عباده…

أحد القرَّاء الظرفاء سألني في رسالة إلكترونية عن العلاقة بين الكتابة والثرثرة  ?!

قارئة طلبت الحصول على آخر دواويني الشعرية… وعندما أبلغتها بأني أكتب المقالة وليس الشعر ردَّت قائلة: المهم الأخلاق..!!

مقالات ذات علاقة

كلاسيك (100/20)

حسن أبوقباعة المجبري

تنوير

منصور أبوشناف

الصحافة المغدورة (2-2)

أحمد الفيتوري

اترك تعليق