حوارات

العارف: لا نقبل بالأغاني الجهوية (3/3)

بوابة الوسط

حاورته: أسماء بن سعيد

الفنان الليبي لطفي العارف الذي تصدَّر الصفوف الأولى لأبناء جيله من المطربين

المطرب الليبي لطفي العارف يواصل حديثه لـ«بوابة الوسط» متحدثًا عن ستينات القرن الماضي ووضع الفن والفنانيين بعد ثورة 17 فبراير، وقضايا فنية واجتماعية أخرى في السطور التالية.

الفنان لطفي العارف
الفنان لطفي العارف

في الستينات كانت هناك لجان استماع وإجازة المطربين والملحنين وكتاب الكلمة وهذه اللجان كانت مكونة من الأساتذة مثل الفنان محمد حقيق وغيره، بعدها بدأ مجال الفن مفتوح للكل بموهبة ومن دون موهبة ؟
للأسف كل هذا صحيح وأكثر، ولولا هذا ما الذي يُجبرنا كفنانيين على الابتعاد عن مجالنا وبيع «الهريسة والزيتون» وتحول فنانين آخرين لبيع منتجات الألومينيوم والأحذية وغيرها.

في الوقت ذاته كنا نشاهد في الاحتفالات التي كانت تُقام مثل ما يعرف باحتفالات الفاتح أو السابع من أبريل أو 2 مارس وغيرهم. كان يأتي فنانون عرب للمشاركة وكانت تعلق صورهم وتمنح لهم مبالغ مالية طائلة .

والفنان الليبي كان مجرد رقم لإتمام العدد ليس إلّا، في الوقت الذي كانت الدعاية للفنان ممنوعة، وحتى مجرد ذكر اسمه كمطرب أو ملحن أو شاعر غنائي ممنوع، كيف أثر هذا على نفسيتكم كفنانين؟
هذا صحيح وأثر فينا بالتأكيد جدًا بالإضافة لهذا كان هناك ما يعرف «بالمنوعات المختارة»، وللعلم كل إنتاجها كان كلمات القذافي لكن غير مذكور.. مثل «سمراء الجنوب» وغيرها وصرفت عليها أموال طائلة وكانوا يحضرون مطربين عرب وملحنين لتنفيها وتمنح لهم مبالغ مهولة.

أذكر بأني بعد توقف كبير عن المشاركة شاركت في المهرجان الأول أيضًا للأغنية في العام 2001 بعمل من ألحان عبدالباسط البدري بعنوان «ماني قليل ولوع».

الجائزة الأولى حُجبت ومنحت للفنان الأول معمر القذافي!! والأولى مكرر كانت من نصيب السيليني، والجائزة الثانية مُنحت لفنان شاب حينها أيمن الأعتر، مع العلم أن السيليني كان مشارك بعمل من ألحانه والجمهور كان يطلب منه إعادة الأغنية أكثر من مرة باعتباره فنان متميز ومتمكن من أدواته وبعد تسمية الجوائز احتد الجمهور ورفض، لكن ما باليد حيلة.

خلال الفترة التي قررت فيها الابتعاد فهمت من خلال هذا الحديث بأنك لم تتوقف بالكامل وكنت تشارك من خلال المالوف والموشحات؟
صحيح، فكفنانين نحترم أنفسنا لم نكن نُغني في الأفراح والمناسبات الخاصة أيضًا لموقفي السياسي تمت محاربتي لتسجيل الأغاني؛

لهذا كنت أجد متنفس في المالوف والموشحات لجانب ضمان وجودي بقرب جمهوري ولتمرين صوتي، فالمعروف أن الفنان لو ابتعد فترة عن جمهوره ينتهي ويتم نسيانه.

نصل لبعد فبراير.. خرجت علينا أغان وفنانون يتغنون للثورة ولمناطق معينة، هل تجد هذه الأغاني مقبولة الآن بعد أكثر من ثلاث سنوات من عمر الثورة؟
بصراحة هذا غير مقبول بتاتًا خاصة الأغاني التي تمجد القبلية والجهوية وتتغنى بمدن معينة دون سواها وتسهم في انقسام ليبيا لمناطق منتصرة نغني لها وأخرى مهزومة يتم تهميشها «فمثلاً أنا من مصراتة وخوتي من الزنتان» هذا أمر طبيعي ولا يحتاج لتأكيد من أحد..

يجب إعادة النظر في هؤلاء الفنانيين الذين معظمهم أغانيهم تجارية. أيضًا يجب الفصل بين الكوادر الموجودة في الإذاعة بين الفنانيين والموظفين… هناك قضية خطيرة موجودة حاليًا في الإذاعة وهي ممارسة البعض لممارسات قمعية سابقة مثل «التأويل» للأعمال.

فحتى أغنية عاطفية ممكن أن تؤوّل.. مثلاً هناك من منع أغنية «طوالي مروح طوالي» مع أنها أغنية عاطفية!! وقال بأنها أغنية للنظام السابق!!

كفنانيين ثم إقصائهم وتهميشهم في مرحلة ما هل أنت مع هذه التصنيفات «مؤيد ومعارض» خاصة وأنك ذكرت أن الجميع تم إجبارهم على الغناء للنظام تحت مسمى «الأغنية الوطنية»؟
أنا ضد هذه التقسيمات وضد الإقصاء. أنا غنيت للنظام وكذلك السيليني مع أن مواقفنا للنظام كانت معلنة.. أيضًا هناك أصوات يعتبروها غنت للنظام وتم إقصاؤها مع أنها لا تتعوض مثل خالد الزواوي وأحمد السحيري.

أنا لو أردت صوتًا مميزًا مثل خالد الزواوي أحتاج لعشرات السنين لأجد صوت بخامته وإمكانياته.

كفنانيين لكم وزنكم واسمكم على الساحة الفنية، الآن نسمع بتفجير ولا نسمع بحفل غنائي.. فلماذا أنتم متغيبون عن الساحة؛ وخاصة في ظل غياب الرقابة التي كانت؟!
هناك فنانون تم منعهم من الغناء وتم «إنزالهم» من على المسرح، مثلاً ذهبنا في جولة لبعض المدن لإقامة حفلات فتم منعنا!! المدينة الوحيدة التي أقمنا بها حفل واستقبلتنا حرائرها كانت طبرق.

أذكر أيضًا بأني كنت ضمن الحضور في ميدان الشهداء أثناء مراسم دفن الشهداء التي وجدت جثتهم في ثلاجة مستشفى شارع الزاوية.

كان هناك «مارش عسكري» باعتبار كان المفروض وجود مراسم دفن رسمية.. تفاجأنا بأحد الموجودين يفتك «الميكروفون» ويقول بأعلى صوت «لا موسيقى لا تزمير إحنا جبناها بالتكبير».

وهل خضعتم له ؟
كان الظرف لا يحتمل للأسف انصاع الموجودون لكلامه فكان همهم دفن الجثامين.

هل هناك جديد نبشر به جمهورك؟
نعم لدي عمل من كلمات الدكتور عبدالمولى البغدادي وغنائي صحبة راسم فخري ووائل البدري وصوت نسائي لم نستقر عليه حتى الآن، وهو من ألحان الموسيقار علي ماهر.. وهي قصيدة مغناء يقول مطلعها.

ألا لبيك يا أشهى ويا أحلى من الحُب
ألا لبيك يا أغلى بلاد الله في القلب
ألا لبيك يا ليبياي إن الله لباك
ولبى ثورة الأحرار تحضنها ذراعاك.

مقالات ذات علاقة

سميرة البوزيدي: المشهد الليبي بائس والنقد ميت ولار جاء فيه

عبدالسلام الفقهي

محمد المزوغي: الشاعر الليبي خذلتُهُ مؤسساته الثقافية التي لم تهتم به ولا بإبداعه

المشرف العام

الشاعرة: سميرة البوزيدي/ النقد هو سلاحي الأول في مواجهة نصي أبداً

المشرف العام

اترك تعليق