شخصيات

ذكرى رحيل رجل.. صورة مشرقه من النضال فى الداخل

احمد يوسف بورحيل
الأستاذ: أحمد يوسف بورحيل

وتنجب ليبيا الرجال.. رجلا تلو اخر. ويظل تاريخها يتوهج بتضحياتهم.. وعندما تفقدهم لاتموت معهم. انها تنجب المزيد من الرجال الذين تبقى ذكراهم حية لاتموت مابقيت ليبيا.. الوطن والارض. وغدا.. الاربعاء الثامن عشر من يونيو تمر الذكرى السادسه والعشرون  لرحيل رجل من هؤلاء الرجال الافذاذ  الذين نفتقد الى امثالهم فى هذه الايام.. وتشعر حيالهم ليبيا بالوحشه واجيالها بالفراغ الكبير.. الاستاذ احمد يوسف بورحيل.

ولد عام 1927 بالجبل الاخضر وعندما بلغ عامه الرابع استشهد والده المجاهد الكبير وخليفة عمر المختار فى قيادة النضال الوطنى.. يوسف بورحيل المسمارى (بوخديده)فى زاوية ام ركبه قرب الحدود الشرقيه مع مصر.. وجملة من رفاقه لاحقتهم القوات الايطاليه سعيا لانهاء المقاومه الوطنيه ضدها. كان يوسف بوحيل من القاده المشهورين الذين اسهموا بفاعليه واقتدار فى حركة المقاومه المبكره.. فى ادوار خولان ومراوه وكان مسؤولا عن الشئون الاقتصاديه وجمع الاعشار لتلك الادوار وشارك فى الكثير من المعارك الى ان كلفه السيد احمد الشريف بقيادة دور الجبل الاخضر عقب استشهاد عمر المختار فى سبتمبر 1931 وتميز بالحنكة والشجاعه فى مواقف كثيرة من حياته ونضاله.
درس احمد بورحيل فى مدرسة الابيار الداخليه ثم فى مدرسة بنغازى الثانويه وواصل تعليمه فى مصر بمدرسة حلوان ثم فى حقوق القاهره وكان من زملائه فى الدراسة هناك.. عبدالمولى دغمان واحمد يونس نجم ومصطفى الشيبانى وعامر الدغيس ومصطفى بن شعبان وعبدالله النعمى واحمد زغبيه.. وغيرهم. ونشط معهم فى نادى الطلبه الليبيين فى القاهره واوقف عن الدراسه فترة لنشاطه الطلابى والسياسى ثم واصل حتى تخرجه عام 1959 بتدخل شخصى من الملك ادريس مع الرئيس جمال عبدالناصر. عاد الى وطنه وعمل فى مصلحة المطبوعات والنشر وافتتح مكتبا لتحرير العقود الرسميه الى مابعد انقلاب سبتمبر 1969. خلال فترة العهد الملكى عرف بارائه الداعية الى حرية المواطن والعمل من اجل وطن يتقدم وينمو باْبنائه دون تمييز او فرق ولاْ رائه الصريحه والشجاعه منع مع كثير من الوطنيين من الترشح لانتخابات البرلمان عام 1964.
كان صاحب موقف صلب وشجاع منذ الساعات الاولى للانقلاب فقد رفض عرضا لمنصب وزارة العدل فى الحكومه الاولى التى شكلها محمود المغربى فى 8 سبتمبر 1969  وكان هذا الرفض يرتبط بمبداْ وطنى فى الاساس يتلازم وقناعاته الوطنيه وولائه للبلاد وتاريخها ويستند على عدم معرفة هوية الانقلاب وضرورة عودة العسكر الى ثكناتهم. وافساح المجال الى عودة الدستور والديمقراطيه والحياة المدنيه.
اعتقل مطلع 1970 بتهمة التحريض على الانقلاب وكتابة منشورات مناوئة له مع زميله الاستاذ عبدالمولى دغمان مدير الجامعه الليبيه… الرجل الوطنى مثله ورفيقه فى الدراسه فى ليبيا ومصر وحكم عليهما فى القضيه رقم 1_ 70 من قبل المحكمه العسكريه الخاصه فى جلستها مساء السبت 15 _ 7 _1972. كان المنشور اللذين قاما باعداده وكتابته يجهر بالحق ويدعو بكل شجاعة ووطنية الى رفض الانقلاب العسكرى واعتباره خطوة خبيثه ستؤدى بالوطن الى كارثة وقد نالا خلال فترة التحقيق والسجن الكثير من المهانة والعذاب وتميزا بالمواجهه والشجاعه والصبر.. وفى المحكمه كانت ردودهما على رئيس المحكمه العسكريه فى منتهى الرجولة والمسؤولية وتحمل كل التبعات.
افرج عن بورحيل  بعد فترة قضاها فى السجن بطرابلس وبنغازى توفى خلالها شقيقه الاكبر محمد يوسف بورحيل اثر حادث سيارة عقب زيارة له فى السجن فى بنغازى. وقد وجد ان كل الاعمال الحره قد الغيت او ضمت تحت السلطه وظل على موقفه الشجاع. لم يقترب من السلطه او يداهن او يطالب بتعويض وكانت اسرته واطفاله الصغار قد تحملوا فى فترة سجنه الكثير من العذابات. وكان لمواقف بورحيل الوطنية الشجاعه منذ بداية الانقلاب صفعة لمعمر القذافى الذى حاول النيل من تاريخ ونضال والده الشهيد يوسف بورحيل ومحوه من الذاكره الوطنية الليبيه.. ولم يفلح فى ذلك رغم كل المحاولات.. ظل بورحيل الاب والابن للقذافى واعوانه شوكتان حادتان فى حلقه الى اخر ايامه.
وفى كل الاحوال كان بورحيل وغيره من شرفاء ليبيا الشرفاء بحق الذين لم يخلفوا الوعد.. وكانوا فى الموعد تماما من اجل قضيتها وخلاصها.. مثلا رائعا للمناضل النبيل فى وجه الطغيان عبر ظروف صعبه وقاسيه مرت بالوطن الليبى على مدى اربعة عقود متواصله من الجور والتزييف والابعاد والامتهان.
بورحيل وامثاله من الرجال شيئ نادر فى هذا الزمان الردىْ. فهو من الشخصيات الوطنيه التى لاتنسى فى زحام سوق النضال المزيف الرخيص .. وله مواقف عديده تميزت بالشجاعه والرجوله والاخلاص. توفى بجنيف يوم السبت 18. يونيو. 1988 حيث كان يعالج من ورم فى الكبد. واحضر جثمانه الى ارض الوطن ودفن فى مقبرة السيد اعبيد فى بنغازى عصر يوم الجمعه 24 يونيو 1988.
الرجال الصادقون مثل بورحيل باقون ولايموتون.. باقون فى ارض ليبيا وجذورها.. فى انفاس اجيالها المقبله التى ستنهض من الرماد وتبنى ليبيا العزيزة الغاليه. تعسل لمن يبيعون الوطن بدراهم معدوده وبعمالة قذره والعار.. كل العار.. لاْشباه الرجال الزاحفين على بطونهم.. واللعنات المتواصله لادعياء الوطنية والبطولة  على الدوام. ان مكانهم الطبيعى فى الدرك الاسفل من التاريخ الاسود.
_______________________________________

مقالات ذات علاقة

ماحدث للشيخ الطاهر الزاوي المفتي والمؤرخ وعالم اللغة بعد ستة وتسعين عاما من النضال

أحمد إبراهيم الفقيه

ناصر الأوجلي.. عاشق المسرح الليبي

أسماء بن سعيد

الذكرى الـ25 لرحيل الشاعر الغنائي محمد مخلوف

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق