من أعمال التشكيلي محمد حجي.
طيوب عربية

هل الكتابة مصدر عيش؟ المؤلفون يعانون شرقا وغربا

الجزيرة نت

عمران عبد الله

لم تكن الكتابة مهنة مربحة، ويبدو أن الكتاب والمؤلفين يعانون حالياً أكثر من غيرهم من العاملين في الأعمال الإبداعية. لكن استطلاعا حديثا أجرته رابطة المؤلفين -وهي منظمة أميركية محترفة لمؤلفي الكتب- أظهرت تفاقم المعاناة لدرجة أن الكتابة قد لا تكون كافية حتى لكسب العيش.

ويهدد انخفاض دخل المؤلفين صناعة الإبداع والتأليف ويحدّ من التنوع نظرا لتفضيل الحسابات التجارية على الموهبة الحقيقية، وأصبحت المشكلة هماً عالمياً في الشرق والغرب على حد سواء.

من أعمال التشكيلي محمد حجي.
مثقف من أعمال التشكيلي محمد حجي.

ووفقًا لنتائج الاستطلاع الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز مطلع الشهر الجاري، كان متوسط الأجر المدفوع للكتاب المتفرغين في أميركا هو 20.3 ألف دولار في عام 2017، وانخفض هذا الرقم إلى 6080 دولارا بالنسبة للكتاب غير المتفرغين.

ويعكس الرقم الأخير انخفاضا بنسبة 42% عن نظيره عام 2009، عندما كان متوسطه 10.5 آلاف دولار. وهذه النتائج هي خلاصة استطلاع موسع أجري عام 2018 وشمل أكثر من 5000 مؤلف كتاب منشور من الأنواع المختلفة.

وأظهر تقرير سابق صادر عن جمعية المؤلفين البريطانية نشر منتصف العام الماضي، أن متوسط أرباح الكتاب المحترفين في بريطانيا انخفض بنسبة 42% منذ العام 2005 إلى أقل من 10.5 آلاف جنيه إسترليني سنويا، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى للدخل السنوي في البلاد المقدر بنحو 17.9 ألفا.

المؤلفون العرب يعانون أكثر

وفي العالم العربي لا تتوافر الكثير من الأرقام عن المؤلفين وظروفهم الاقتصادية، لكن المعاناة التي يواجهها الكتّاب لكسب عيشهم في العالم العربي تبدو أصعب في ظل تراجع سوق النشر والكتاب العربي وتراجع الأحوال الاقتصادية في بلدان عربية مختلفة، مما يدفع بعض المؤلفين للقبول بمقابل رمزي محدود أو حتى يضطر بعضهم للدفع إلى دور النشر بدلاً من تلقي مقابل مادي أو مكافأة مجزية.

ولا تبدو أزمة التأليف والكتابة في العالم العربي منفصلة عن أزمات أخرى، فصناعة التأليف -مثلها مثل بقية الأعمال- تعاني من ظروف اقتصادية وسياسية معقدة في المنطقة العربية، وتحتاج كأي سلعة إلى سوق كبير وجمهور من القراء وحرية بلا قيود، وهذه الظروف غير متوافرة في كثير من البلدان العربية.

وتعاني الساحة العربية من غياب نقابة أو جمعية فعالة لحماية حقوق المؤلفين وتحصيل حقوقهم التي تضيع بين الناشرين والسلطات الحكومية والجمهور، فالمؤلف هو الحلقة الأضعف ويعاني من ضياع حقوقه المادية في بعض الأحيان، أو إفلات المعتدين على حقوقه الفكرية من المحاسبة القانونية.

كيف يعيش المؤلفون والكتاب؟ 

“في القرن العشرين، يمكن للكاتب الأدبي الجيد أن يكسب معيشة الطبقة المتوسطة فقط”، بحسب المديرة التنفيذية لنقابة المؤلفين ماري راسنبرغر.

لكن معظم الكتاب يحتاجون حاليا إلى إكمال دخلهم من خلال المشاركات المدفوعة والتحدث في الفعاليات أو التدريس. كما انخفض الدخل المتصل بالكتاب (مقدم الدفع للمؤلف) بشكل كبير، إذ بلغ الانخفاض نسبة 30% تقريبًا للكتاب الذين يعملون بدوام كامل منذ عام 2009.

وإضافة إلى ذلك، كانت الكتابة للمجلات والصحف يوماً مصدرًا أساسياً للدخل الإضافي للكتاب المحترفين، ولكن انخفاض موارد الصحافة والأعمال الحرة قلل فرصة الحصول على أجور إضافية بالنسبة للمؤلفين، فالعديد من المنشورات والصحف المطبوعة التي كانت تحظى بمتابعة واسعة، قد أغلقت تماما.

كما استحوذت شركة أمازون على حصة الأسد من سوق النشر الذاتي والكتب الإلكترونية، وتتقاضى الشركة عمولة ورسوم تسويق من الناشرين، بينما يعاني صغار الناشرين المستقلين بصفة خاصة ويتضررون بشكل مضاعف، مما يقلل بدلات ومكافآت الكتاب والمؤلفين بصورة أكبر في النهاية. كما يخسر المؤلفون فرصة حصولهم على دخل من الكتب التي يعاد بيعها على المنصة الإلكترونية.

وفي الوقت الراهن فإن معظم المؤلفين والكتاب لديهم مصادر دخل أخرى، أو يعانون لأجل الحصول على قوت يومهم، ويقلل هذا الوضع من التنوع والإبداع في مجال التأليف والكتابة والنشر، وانخفضت إثر ذلك قيمة التأليف وأصبحت هواية بدلاً من أن تكون مهنة إبداع قيّمة واستثنائية.

مقالات ذات علاقة

رأس الحكمة محنة الإرادة!*

إشبيليا الجبوري (العراق)

معالم سيئة في مسيرة الشعب الفلسطيني في العقدين الأخيرين

المشرف العام

سعيد لصفر فنان تشكيلي أعماله رسائل إنسانية راقية

المشرف العام

اترك تعليق