المقالة

هذا الذي صنعته أيدينا من الآخر؟

بعد أربع عقود وأكثر من هذا الزمان هكذا صار حالنا، لقد تقدم علينا الذي كان خلفنا، ويطمع فينا كل من هب ودب… يحدث كل ذلك ونحن نعتبر من اغنى دول العالم ومن البلدان التي حولنا وموقع بلدنا بوابة العالم المتطور لا يبتعد عنا الا ساعة طيران صاحب الصناعات والازدهار …هل هذه هي حصيلة القومية والوطنية والديمقراطية والاشتراكية والوحدة والانعتاق النهائي وحب المناصب والزعامة والمفكر والمهندس والصقر الوحيد والقايد الأعلى وقايد العام .

عقود من الزمان مرت علينا ومن حق اي مواطن عاش المرحلة بتفاصيلها بآلامها ومرارتها ان يتساءل ما الذي جناه شعب وطننا ليبيا من تلك المنشورات، والشعارات، والتظاهرات والاضرابات والانقلابات؟ …

هل تطورت مستوى معيشة الفرد؟

هل وصلت الكهرباء الى كل مدينة وقرية بالشكل المطلوب وبدون انقطاع؟

هل تعبدت الطرق بين المدينة والمدن الأخرى؟

هل شيدت المدارس والجامعات والمعاهد العليا منها والمتوسطة ومركز البحوث

هل شيدت المستشفيات والمراكز الصحية المتخصصة؟

هل تم القضاء على الامراض بتوفير المستشفيات ومراكز الصحية بكل المدن الليبية؟

هل حصل المواطن على علاج أفضل؟

هل تطور مستوى التعليم نحو الأفضل؟

هل ارتفع الانتاج الزراعي واستغلال الأراضي الزراعية بالوجه المطلوب؟

هل دخلنا عصر التصنيع وإقامة المصانع؟

هل حظي المواطن بحريته؟

وهل تمت المساواة بين الناس؟

هل نحن نحترم القانون في حياتنا ومعاملتنا اليومية

ولكن بنفس نحن  تعلمنا….

تعلمنا الطاعة العمياء لمن يحكم خوفا على أنفسنا…

تعلمنا الفرقة على اسس جهوية وقبلية وأخيرا الفتنه الدينية.

تعلمنا كيف نرشى وكيف نرتشي…

تعلمنا ان نستهين بكرامة بعضنا…

تعلمنا الانتهازية والنفاق…

تعلمنا لغة السلاح ونسينا لغة المنطق والحوار …

تعلمنا ان نتعايش مع الذباب والبعوض، والكلاب الضالة والقطط والفئران، والصراصر نتيجة لتكدس جبال من القمامة بالشوارع والمنتشرة بأغلب المدن…

تعلمنا ان اللباس الغير لائق هي وسيلة مقابلة الناس والسير في الشوارع العامة.

تعلمنا استغلال بعض من التجار في قوت المواطن البسيط.

تعلمنا ان يحقد الجار على جاره وان كان اخاه …

تعلمنا البغضاء وأصبح طعم الحب والمودة والمساعدة غريبا علينا…

تعلمنا ان نصفق وان نهتف بكل ما في حناجرنا من قوة وتعلمنا كيف تصرخ الخناجر بما لا تخفيه الصدور…

تعلمنا المزايدة على بعضنا…

تعلمنا ان نرى الموت نوع من الشجاعة واستشهاداً

صرنا دعاة الحروب وقتال فان لم نجد عدوا نحارب بعضنا بعض

صرنا بدلاً ان نرسل أطفالنا للمدارس والمساجد لتعليم وكذلك للملاعب والمنتزهات نرسلهم للمعسكرات لتعليم فنون الحرب والقتال.

تعلمنا ان ندبر التهم لبعضنا فكل من يخالفنا في الرأي هو خائن وعميل، وكل من يتبعنا هو وطني غيور حتى يتم الاستغناء عن خدماته…

تعلمنا ان نزايد في الوطنية وما قصدنا بالوطنية الا مصلحة القبلية والجهوية ونسينا الوطن الذي يجمعنا.

صرنا نرتكب الجريمة ونلقي باللوم على الضحية، نمعن بتمزيق بعضنا وننحي باللائمة على الاجنبي…

بعد نصف قرن هكذا صار حالنا، لقد تقدم علينا الذي كان خلفنا، وصار يطمع بنا كل من هب ودب…

هذه هي حصيلة القومية والوطنية والديمقراطية والاشتراكية وحب المناصب

انها لعبة الكلمات التي نرددها دون ان نعرف معناها والتزاماتها…

ولننظر الان كيف تزهو الشعوب بحاضرها وكيف نحن نبكي على ماضي وزمن جميل الذي كان؟

ماذا اعدتنا لأجيالنا وماذا اعدتنا لأبنائنا غير الدمار والخراب والفتن والجهوية والقبلية

وهذا الذي صنعته ايدينا من الاخر ؟؟ .

________________________________

طرابلس الغرب / ليبيا

الثلاثاء الموافق 18/07/2017م

 

مقالات ذات علاقة

الحب الذي لن يجف

محمد الزوي

ذئبة كابيتولينا

المشرف العام

بين نساء الصعيد وطرابلس

المشرف العام

اترك تعليق