قصة

من يسكت بقية الديوك..؟

 

1

سمع الجار وقع طرقات قوية على باب داره ، فهب إلى الباب مسرعا ، وهو يقول :

–  من يطرق بابنا في هذا الوقت بالذات .. ؟  اللهم اجعله خير .

فتح الباب وإذا بجاره مسعود يقف وعلامات الغضب بادية على محياه .. فبادره قائلا :

–  خيرا إنشاء الله ، ما الذي جاء بك أيها الجار العزيز .. ؟

–  ديكك يا عبد الله .                       قال مسعود

–  ديكي .. !!!                              قال عبد الله مستغربا .

–  نعم ديكك الذي حرمني من النوم ، لا يكف عن الصياح ليلا ونهارا .

–  أنا جد آسف يا مسعود .. لن يزعجك هذا الديك اللعين بعد اليوم أبدا .. أملهني إلى ما

    بعد صلاة العشاء .

2

بعد صلاة العشاء مباشرة .. سمع مسعود وقع طرقات على باب داره ، فهب إلى الباب مسرعا وهو يقول .. ؟

–  من الطارق .. ؟

–  أفتح يا مسعود ، أنا جارك عبد الله .

–  مرحبا بك يا جاري العزيز .. مرحبا بك  يا عبد الله .

كان عبد الل-ه يحمل طبقا  بين يديه .. نظر مسعود إلى الطبق وهو يق-ول :

–  ما هذا يا عب-د الله .. ؟

–  دعني أدخل أولا و ستعرف .. ما بداخل هذا الطبق .

3

في حجرة الضيوف ، كشف عبد الله الغطاء عن الطبق .. فدهش مسعود مما رأى .. فقال مستغربا :

–  ما هذا أيها الجار .. وما المناسبة .. ؟

–  لا مناسبة ولا يحزنون .. هذا هو الديك الذي أزعجك .. أتيتك به مشويا  لنأكله معا ،

   عقابا له على ما سبب لك من أرق وتعب .. فكله هنيئاً مريئاً.

–  أنا آسف يا عبد الله .. لم أكن أتوقع أن تنتقم منه بهذه الطريقة .

–  الحقيقة أيها الجار العزيز .. لا أريد لعلاقة الجوار الطيبة التي تربطنا منذ زمن ، أن

    تنتهي بسبب ديك عجوز اختلطت عليه الأمور ، فأصبح لا يفرق بين فجر وقيلولة .

–  أشكرك يا عبد الله .. لكن كان عليك أن تتخلص منه بطريقة أخرى ، كأن تبيعه وتستفيد

    من ثمنه .

–  أستفيد من ثمنه .. !!! والله لأنت أفضل عندي من مال الدنيا .

–  أشكرك أيها الجار العزيز .. هيا تفضل كل مما جدت به علينا .

4

تلك الليلة بالذات .. وبعدما أخلد مسعود للنوم .. تعالت الأصوات في الأرجاء .. لم يكن المؤذن هذه المرة ديكا واحدا  .. كانت مجموعة كبيرة من الديوك .. ما أن يسكت أحدها حتى يبادره الآخر مؤذنا ..هكذا وبتتابع ممل ومزعج حتى الصباح .

5

في صباح اليوم التالي .. تقابل الجاران مسعود وعبد الله ، فدار بينهما الحوار التالي :

–  صباح الخير يا عبد الله .

–  صباح الخير يا مسعود .. أعرف أنك لم تنم جيدا ليلة البارحة .

–  وكيف تريد لي أن أنام ، وكل ديوك الجيران ، التي لم تكن تؤذن من قبل ، لم تكف عن الصياح طيلة الليل وحتى الصباح .

–  نعم .. هذا أمر طبيعي .

–  أمر طبيعي .. أتعني أنها تؤذن حزنا على فراق صاحبها .

– لا يا جاري العزيز .. لم تكن تؤذن حزنا عليه .. بل فرحا بموته .

–  فرحا بموته يا للعجب .. وكيف عرفت ذلك .. ؟

–  أنا أعرف طبائع الدجاج أكثر منك .

–  علمنا مما علمت من طبائع الدجاج ، زادك الله علما وفهما .

–  لقد كان هذا الديك سلطويا ظلوما .. ولم يكن يسمح لها بالتعبير عن وجودها في حضرته.

–  حتى بالآذان .

–  نعم .. حتى بالآذان .. ولأنه كان سلطويا ظلوما كنت أكرهه وأتمنى موته .. وكنت أيضا فرحا بتقديمه لك مشويا على طبق ليلة البارحة .

–  يا للأسف .. لم أكن أعرف أنه كان  شجاعا وقويا إلى هذا الحد .. !!!  أنا آسف يا عبد

    الله على أنني كنت سببا في موته . . بل إنني أقدم لك أسفي على موته مرتين .. مرة

    لأنني كنت سببا في موته .. وأخرى : لأنني شاركتك في أكله .

–  غريب أمرك يا مسعود .. أوبلغ بك الأسف على موته إلى هذا الحد.. ؟

–  ولما لا .. وقد رأيت حالنا والمؤذن واحد .. فكيف بنا وقد كثرت الديوك علينا .. ؟

–  ما ذا تعني بكلامك .. يا مسعود .. ؟

–  أعني يا عبد الله .. سكت ديكك وتوقف عن الصياح .. فمن يسكت بقية الديوك الآن .. ؟

 _________________________

الموقع الشخصي للكاتب :  http://www.sanabell.net

مقالات ذات علاقة

النحوي وجحا والبحر

محمد دربي

قناع..

حسين بن قرين درمشاكي

قصص قصيرة

محمد دربي

اترك تعليق