جلقة نقاش عقب انتهاء أحد العروض السينمائية.
حوارات

محمد الترهوني للـ(طيوب): عروضنا السينمائية للحريصين على اكتساب مناعة ضد القبح.

السينما ليست مجرد متعة، إنها خلاصة مجموعة من الثقافات والخبرات. واختيارها كحدث أسبوعي، من خلال عروض سينمائي مفتوحة لحبي السينما، والمهتمين وكل راغب في المشاهدة، يعكس الكثير من انفتاح الرؤى على آفاق المعرفة، والحرية الفكرية دون تقييدها إلى حالة بعينها.

نادي تاناروت السينمائي، يحاول أن يحارب حالة العتمة التي تعيشها بنغازي، بإضاءته لشمعة يبدد بها ظلمة الجهل وعتمة الروح، بالحفاظ على موعد أسبوعي، هو السبت من كل أسبوع لعرض فيلم سينمائي، يحمل قيمة ثقافية ومعرفية. وفي هذا اللقاء القصير، نلتقي الناقد “محمد الترهوني”، رئيس مجلس ادارة تجمع تاناروت للإبداع الليبي، وحديث عن #نادي_تاناروت_السينمائي، وهذه العروض.

الناقد محمد الترهوني.
الناقد محمد الترهوني.

عن فكرة النادي، يتحدث “الترهوني”:

الأعضاء المؤسسين لتجمع تاناروت من أكثر المهتمين بفن السينما،  لقد عشنا حقبة كاملة بلا تاريخ سينمائي يذكر، بلا دور عرض، بلا ثقافة سينمائية، وهذا يعني أنها حقبة بلا مضامين تاريخية، في هذه الحقبة كان هناك تساهل مع وجود الأدب، مع حضور الفن التشكيلي، أما السينما فمرفوضة، والاعتراض عليها جذري، لماذا كل هذا الخوف من السينما في تلك الحقبة؟لأن السينما هي أهم وسائل التثقيف، وهي مقياس نمو وتطور المجتمعات، إنها وسيلة تثقيفية شاملة، فكرة النادي كانت من هذا المنطلق، ولأن النادي يمنحنا فرصة عدم عرض أفلام تجارية وهابطة ولا تفيد مجتمعنا في شيء.

وفي إجابته عن لماذا السينما؟…

لأن سحر الصورة على الشاشة وصورة العالم الذي نريد وهي ليست لليد هو ما يجعل السينما تتقاطع مع الحياة الواقعية، وهذا ما يجعلها أهم ناقل ثقافي للمتلقي، هذا يجرنا إلى السؤال: ما الذي يريده المشاهد مقابل ثمن التذكرة؟ ما الذي يبحث عنه في قاعة مظلمة وعلى شاشة بيضاء؟ في السينما التجارية يبحث عن المتعة، في نادي للسينما يبحث عن الفكرة، هذه الفكرة معروضة كحالة جمالية مشفرة عليه كمتلقي أن يفك هذه الشفرة وأن يستعين بالنقاش بعد الفيلم لحلها.

سينما تعتمد عزل الفكرة..

نحن نعتمد في النادي على السينما الأوروبية، لأنها السينما التي تتعمد عزل فكرة عن العالم وتقديمها كمجال للنظر والتفكير، الشاشة في هذه السينما تلعب على سطح وتخوم المرآة، سطح ينظر فيها الإنسان إلى نفسه ويستطيع داخل إطار هذا السطح من تجميع شتات نفسه، الواقع يفتتنا في كل لحظة ويضع بيينا وبيينا حالة ضبابية من عدم الفهم والتشوش، الشاشة البيضاء تسمح لنا من خلال العرض بالتطابق مع انفسنا، بالفهم والتأويل والتفسير، إنها تلغي المسافة بيننا وبين الواقع.

جلقة نقاش عقب انتهاء أحد العروض السينمائية.
جلقة نقاش عقب انتهاء أحد العروض السينمائية.

عروض ضد القبح…

من هم المهتمون بهذه العروض؟

إنهم الحريصين على اكتساب مناعة ضد القبح، إنهم الحريصين على قضاء ساعتين لا تصفق فيها ريح الواقع أبواب ومصاريع اليوم الحميم، الباحثين عن التوازن، والابتعاد عن اللهاث المقزز بسبب الحاجات اليومية المشكلة لأكبر متاهة في حياتنا، إنهم المستائين والمهمومين، الناجحين والفاشلين، المثقفين والمتعلمين، أعضاء تاناروت ومن خارج تاناروت، هناك من هم حريصين على حضور كل عرض، لأنهم لا يريدون تضييع فرصة الصمت، الاستماع، المشاهدة، التفكير، هكذا يكون العالم أقل جفافا.

نحن نبحث عن أصدقاء مميزين…

وما هدف هذه العروض؟

ماذا لو قلنا للبحث عن أصدقاء جدد، عن أصدقاء يحدثونك بحميمة عن كل ما مر بهم في هذه الحياة، عن تجارهم، عن خيباتهم ونجاحاتهم، عن أشخاص سيتنهضون همتنا، هؤلاء بتجاربهم يمنحون تجاربنا مغزى، إننا نتقاسم في كل دقيقة من دقائق العرض مع الشخصيات نفس الهواجس والرغبات، نفس الفرح والحزن، تعلمنا الحياة أن ننزعج من الواقع المرير لكن دون كراهية دون أن نفقد شغفنا بالحياة، هناك أفلام محفزة جدا، مثل أفلام الأتوبيوغرافيا، أفلام عن أشخاص لم يكن نجاحهم سهل، وأفلام تأكد لنا أن أن الحياة ليست حادث تعيس كما يصورها لنا البعض، السينما مدرسة تحمينا بطريقة ما من أنفسنا ومن العالم.

الحصول على الأفلام…

الأعضاء المشرفين على النادي والمشرفين على العروض، وهم نفسهم المشرفين على مونتاج الأفلام بما يتماشى مع قيم مجتمعنا، هم من يقوم بالبحث عن هذه النوعية من الأفلام من خلال المواقع المسموح بها على الأنترنت.

كلمة أخيرة…

السينما اليوم هي جامع لكل الفنون التي عرفتها البشرية عبر تاريخها، من فن الرسم إلى الأدب وصولا إلى التقنية الحديثة، إنها الذاكرة التي تحتفظ فيها كل أمة بتاريخها، شعب بلا سينما هو شعب بلا ذاكرة.

مقالات ذات علاقة

معتوق البوراوي: لوحاتي تعكس قلقًا «معينًا» في الثوارات العربية (2/3)

المشرف العام

الشاعر منصور العجالي/ ليس بالإمكان أن نغفل نشاط كمال أبوديب و جابر عصفور وعبدالله الغذامي في مجال الدرس النقدي العربي

المشرف العام

إبراهيم الكوني: الثورات تفشل لأنها تختار الطريق الأسهل وهو تغيير ما بالعالم الذي هو ظل بدل تغيير ما بالنفس الذي هو أصل ولكنه عصيٌّ (4 ـــ 4)

المشرف العام

اترك تعليق