المقالة

ما اضيع الجمال عند البهائم

في الحقيقة ظهرت مغالطة كبيرة في الاعلام وعند السياسيين والمواطنين، نتج على اثر هذه المغالطة اظهار الحالة الطرابلسية كانها حالة جهوية، وتناولها المساندين والمخالفين كانها صراع بين مدينتين. اجل، طرابلس …. باعتبارها عاصمة الدولة، هي عاصمة كل الليبين، لكن هي اولا واخيرا مدينة سكانيها بالدرجة الاولى، ولساكنيها قبل الجميع تقرير مصيرها.

ساكني مدينة طرابلس ليسوا جميعا من اهل طرابلس فقط، وانما يسكن طرابلس مواطنين من كل ربوع ليبيا دون استثناء ركن من اركان الوطن، فهي نسيج تشكل خيوطه من الليبين جميعا، لذلك هي لا تحسب على احد بل تحسب على الجميع. وحين تدافع ثوار فبراير لتحريرها، لم يكن تدافعهم مجرد شهامة ثوريتهم، لكنهم كانوا يدركون ان طرابلس لهم جميعا لانها تمثل نسيجهم العام. لا اخطي حين اقول ان طرابلس هي ليبيا، وليست كل المدن الليبية ليبيا، واود ان اضيف الى ما تفضل به السيد الفاضل حسن الامين حين قال تستطيع ان تعيش ليبيا دون احد مدنها، لكن لا تستطيع ان تعيش مدينة ليبية دون ليبيا، اضيف ان اقول تستطيع ان تعيش ليبيا دون جل مدنها لكنها لا تستطيع ان تعيش دون طرابلس.

وإذا عرجنا على مظاهرة الجمعة الحزينة، لوجدنا ان المنخرطين فيها ليسوا كلهم من اهل طرابلس، بل من سكان مدينة طرابلس، فاهل طرابلس – واقصد الطرابلسية اصحاب المدينة- جزء من المظاهرة وليس كل المظاهرة. جل من في المظاهرة تعود اصولهم الى خيوط نسيج طرابلس الذي ذكرناه، فيهم من اقصى مدن الشرق الى اقصى مدن الغرب، ومن حدود البحر حتى حدود الصحراء. والذين قتلوا او جرحوا هم ليس من اهل طرابلس فقط بل ليبين من جهات ليبيا الاربعة، ربما ضمنهم ان لم نجزم من مصراته ومن نفوسة ومن الجنوب ومن الشرق.

ان التعليقات الرسمية التي وردت من اهلنا في مصراته جاوزات ما املناه من هذه المدينة الرئعة، ولا اقول هذا تزلفا او تضليل، بل هو حقيقة قرأناها تاريخا وسمعناها رواية وعشناها واقعا، الا اني ارى تناولهم لما حدث يوم الجمعة السوداء يدينهم، ويضعهم في خانة من ارتكب الفعل الاثم الذي اودي بحياة العشرات من القتلى والمائات من الجرحي. ما كان لمجلس مصراته ان يتلو بياناته تلك بعدما علم بما حدث، ولا زالت دماء الجرحى لم تجف بعد. كان الاولى به ان ينأى بنفسه عن الحدث حتى لا يحسب عليه، الا انه للاسف … وربما بسبب ما اصبحنا نسمية التجادبات السياسية والممحكات السياسية، هذه المصطلحات التي وجدت لمفرداتها مكان في قاموسنا الليبي بعد الثورة، بسبب هذا انجرت في الدفاع عن هذه الجريمة النكراء، ودافعت عن شرعية فاعليها. وتناست انها جزء من المجتمع المدني الليبي، عليها ان تنظم الى الليبين في المطالبة باخلاء البلاد من التنظيمات المسلحة، لا ان تتمترس وراء اسلحة هذه التنظيمات. انا هنا لست في صدد ادانة اهل مصراته فهم اكبر من ان يدانوا، لكن لمعاتبتهم على فعل كان يجب ان تترفع تنظيماتهم المدنية في الدفاع عنه.

قد يتسأل سال ما علاقة عنوان المقال بما قيل، واقول: ان الحرية التي امتلكها حملة السلاح لم يقدروا قيمتها، ولم يضعوها موضعها الذي تستحقه، فاستخدموا هذا السلاح الذي كان يجب ان يوجه لحماية الوطن والاهل في تحقيق مأرب انية، لا تحقق خيرا ولا ترسم مستقبلا. هذه الحرية عند هذه الفئة من البشر كالجمال عند البهائم، لا يقدرون قدرها. لذلك ادعوا، وكلي امل، ان لا تنجر التنظيمات المدنية في الدفاع عن التجاوزات التي تنتج عن حمل السلاح.

والله من وراء القصد

احمد معيوف (اميس انتمورا)

مقالات ذات علاقة

إطار الصورة الفوتوغرافية

المشرف العام

الوهمُ الشعري

يونس شعبان الفنادي

عن العيد وعن “شمس على نوافذ مغلقة”

حسين التربي

اترك تعليق