غلاف رواية خريجات قاريونس
النقد

قراءة في رواية خرِّيجات قاريونس للروائيَّة الليبيَّة عائشة الأصفر

(إن لم يكن لك هدفٌتحيا له ، فجد لنفسك هدفاً تموت من أجله). د. عبد العزيزالفارسي

غلاف رواية خريجات قاريونس
غلاف رواية خريجات قاريونس

صدرت عن دار الهفاف للطباعة والنشر بدمشق رواية بعنوان خرِّيجات قاريونس للروائية الليبية عائشةالأصفر والتي تضمَّنت (مائتين وستًا وأربعين صفحة)، وقد كتبت الرواية بلغةالسهل الممتنع ، والممتع في الوقت ذاته – فتشدُّك دون توقف – إننا أمام روائيةمملوءة حتى الثمالة بهواجس تفاصيل حميمة للمكان – تعيد صياغة الواقع من صميم حياةطالبات الجامعة في واقعية انسكابٍ لذاكرةٍ انفعاليةٍ حفظت كل خصائص تناقضات المجتمعالتي استوعبتها الروائية عائشة بتلقائيَّة فريدة – فقد أجادت رسم الصور الاجتماعيةالواقعية بدرجة مدهشة ، فغازلت في عبارات متقنة في جودة الأحداث ، بإجادة فيالتعبير ، تدور أحداث هذه الراوية مع طالبات جمعتهن  جامعة قار يونس  .. فالشخصياتطالبات وبعض الطلبة  من جامعة قار يونس  ، أمّ العز القاسي وهي بطلة الرواية عاشقةالخيال ، وفاطمة شرف الدين وهي طالبة الأعلام بالكلية ، وفاطمة ونجاح  طالبتان منسبها وهي التي تروي القصة.

باستثناء بعض الطلبة  مهدي وخالد ..
قد نجحتالروائية المميزة عائشة الأصفر في نسج روايتين نسجًا محكمًا مدهشًا ومشوقًا جدًّا  – في سردها المدهش والمشوق ، وطعَّمتها باللهجة العامية التي تشعرك أنك لا تقرأرواية ، وإنما تعيش الأحداث وكأنك إحدى الشخصيات ، أو أنك تعرفهم جميعًا ، وهذهميزة قلما ينجح فيها الروائي ، فاللغة الأدبية الجميلة التي أبدعت في رسم صورالمشاعر والأحاسيس للشخصيات .. لغة راقية ورائعة أختار منها هذه الصورة ص 206  (أنعس فيها، أتعسعس بالوحشة ، أتلحف بها ، أظفر بحرية ، أستنطق الخطوط مقضومةالأظافر ، وأطير بأحلام مقلمة الأجنحة) تصف فيها عنوستها.. أما اللهجة العامِّيةفقد رصدت لنا الروائية عائشة الأجواء براحها وألوانها وتفاصليها كما في ص15 – هنارصد أجواء الجامعة ( هذه يا ستي صاحبتي السبهاوية (نجاح ) هي صحيح من سبها وصحروايةبس مش سهلة في سنة نهائية – فلسفة.
– قالت فاطمة أهلا وسهلا بعرب سبها ..ناسطيبين أنتِ اللي لسانك زالق – عوايدك – أمّ العزّ.
تشعر وأنت تقرأ الرواية أنالشخصيات من الواقع  يمرُّون علينا في حياتنا الجامعية والاجتماعية بدرجة مدهشة.

وأختار لكم أيضًا جزءًا من النص:-   ص 42  – ما رأيك ابنتي لو أذهب للشيخعلَّه يشفيه ببخور أو حجاب يهدِّئ سره ويريح باله ؟. ( اقترحت الأم).
فمنالوهلة الأولى يستشعر القارئ للرواية ارتياحًا مشوبًا بالانسياب الهادئ والمشوق ،وقدرتها الفريدة على معالجة أحداث الروايتين معالجة موضوعيَّة دون جنوح عن موضوعالروايتين – قد أجادت نقل هواجس الروايتين بجدارة ، فرسمت أحداث الراويتين رسمًامدهشاً ، اختار لكم هذا الجزء من النص: ( سحبت الرواية .. رواية صديقتي (أمّالعز) ونفخ في زجاج النافذة فشقها .. رمى رواية صديقتي في البحر ..تناثرت أوراقهاعلى سطحه ..التهمتها الأفواه المفتوحة .. دخلت بطون الحيتان ..لحقت بكائنات الجبلرأيت الكائنات في بطن الحوت تتجمَّع تستمع من راويتها إلى رواية (أمّ العز) كانالهواء يندفع بارداً وبقوة من شق النافذة ، وسمعت صوتاً قوياً بجانبي كانت ( خالتيحواَّ) تقفل النافذة التي تركناها مفتوحة أثناء السرد سحبتُ ذراعي ببطء أصلحت رأسأمّ العز على وسادته ليرتاح لأقفل أنا أيضاً رواية ( أم العز) بدون عنوان ( بعد أنضاع العنوان).

هكذا كانت خاتمة رواية عائشة الأصفر ( طالبات قار يونس).

عائشة الأصفر روائية ليبيَّة متمرِّسة ..ألقت علينا بظلالها ، وتركتنا لانشعر بل نتلفت إلى حيث مضت الرواية لنستعيدها.

__________________

نشر بمدونة أصابع المطر.

مقالات ذات علاقة

الحرب في قصيدة النثر الليبية

جمعة عبدالعليم

سطوة الحرف في شعر المهدي الحمروني

المشرف العام

“أبواب الموت السبعة” للروائي عبد الرسول العريبي

المشرف العام

اترك تعليق