المقالة

ستين ياس..!!

“اعتذر وبشدة للغة العربية .. فمن المفترض أن تكون كلمة ستين مبتدأ ولهذا تأتي بهذه الصياغة (ستون يأس ) غير أن لضرورة ما سترد مبررات تتعلق باللهجة العامية ..”

كثيرة هي الأمثلة والغناوي والحكايات الشعبية التي يتكرر فيها العدد(60) .. فيقولون : اللي يرقد للسته يرقد للستين .. بمعنى أنه على الانسان أن يتحمل العبء .. سواء أكان ذلك ظلما أم غير ذلك .. كما أن ” لعابة الكارطة” يقولون : ستين صايلي .. باطا باطا .. في إشارة إلى التعادل ذلك أن لعبة ” السكمبيل” تحوي على ستين نقطة لا أكثر ولا أقل .. فيما يظل مخترع الكارطه ملعون وولد ستين كلب .. وهنا جاء الرقم ” ستون ” كما لو أنه سبه .. ولعنة .. وقليل من الشجعان عندما يتشاجر مع زوجته وتهدده بالذهاب إلى بيت أبيها قليل منهم يقول لها : في ستين داهية .. دون أن يهتم بالعواقب الوخيمة المترتبة على هذا اللفظ ..

أيضا لهذا الرقم دلالة دينية عظيمة مرتبطة بحدود الله ، من تكفير يمين ، وإطعام مساكين ، وصوم وهي وكما وردت بالقرآن في سورة المجادلة : ” فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ، ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ، وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم

” إطعام ستين مسكينا” أو صيام شهرين أي ستين يوما .. يوم وراء يوم .. وهي كفارة لطلاق .. فلو أخذنا معامل الرقم ستة فإننا سنصل إلى الرقم ستة مليون وهو تعداد الشعب الليبي تقريباً .. ومن هنا يجب على لجنة الستين أن تراعي الله في المساكين البالغ عددهم ستة ملايين نسمة ..وهذا أمر غاية الصعوبة لعدم توافق اثنان من الليبيين على رأي سديد ..

كذلك نجد هذا الرقم يتكرر في التراث خاصة الجانب الشعري في الغناوي والشتاوي .. كما لو أن هذا الرقم يشكل حزمة كبيرة من الأرقام ثم أنه مستساغ وله موسيقى مميزة في الوزن والقافية : فيقول الغناي : ستين راي جاب العقل .. فتوى أتجيب لولاف ما ألقي .. ولعل هذه الغناوة تنطبق تماماً على مؤتمرنا الوطني العام الذي يبدو أنه في مراحله الأخيرة حيث يعاني انقسامات شديدة من التبو والامازيغ والطوارق الذين وكما يظهر يطالبون بحقوق يرونها مشروعة باعتبار أنهم من السكان الاصليين اعتماداً على تاريخهم ونضالهم عدة قرون ومنذ ما قبل التاريخ ..

هذا ويرد الرقم ستين بشكل لافت للنظر في غناوي العلم والشتاوي أيضا وهذه نماذج من الغناوي :

بيني وبين عزيز ……ستين ألف حيطه منمرة ..

ستين ألف خيمة ياس ….بنوهن عزالة للجضر ..

ستين ألف وادي نار …شقيتهن علي شانك عند …

ستين ألف صوب وياس ….عتب عزيز ع العين يا علم ..

ستين ألف جوز طبيب ….الجرح عانوه كادهم …

ستين ياس بوهن ياس ….إن غاب ياس ما راي دبرن ..

ستين عام عاش العقل ….حزين مازها يوم بالغلا …

وللقارئ الكريم محاولة تطبيق هذه الغناوي على واقع مؤتمرنا البائس .والمرير . فالمثل الشعبي المتوارث يقول : العرب لوله ما عقبت شيء ..!! وجميع الغناوي السابقة تشير من بعيد أو من قريب إلى المراحل التي مرت بها ثورة فبراير منذ قيامها وحتى يومنا هذا .. فسترى الاعتصامات وقتال الكتائب وتغول بعض المدن على مدن أخرى ، ومعاناة الجرحى وطول فترة علاجهم وبعض العراقيل التي صادفت مسيرة الحكومات المؤقتة ، والصراعات الدائرة داخل المؤتمر من عدم توافق ..

لكننا نلوذ بهذه الغناوة التي تشيع الأمل .. التي تقول : غلاك ما تخاف عليه .. ستين تامجة حايطات به ..

مقالات ذات علاقة

الشخصية الأولى في التاريخ

عادل بشير الصاري

التمرد الأعلى للشعر

مهدي التمامي

الحرايمي، لَمْ يَكُنْ يهودياً

المشرف العام

اترك تعليق