طيوب عالمية

ستيفن كينغ يعرف كيف يخطو في الظلام

MEO

كتاب ظلام دامس لا نجوم.

 

وحده ستيفن كينغ يعرف كيف يخطو في الظلام بعزم وتصميم وكيف يحولّ خطواته إلى موضوع للتلقي، وإلى إنجاز روائي يكشف الجانب الخفي للنفس البشرية بحيث يصبح اكتساح كل المناطق المظلمة، وتلمس توتراتها، خارج إكراهات قوانين الخير والشر مبرراً روائياً ورهاناً إنسانياً لا محيد عنه عند من يكتب. فكيف إذا كان الكاتب هو ستيفن كينغ الذي كتب روايته الأولى “المسيرة الطويلة” في سنّ الثامنة عشرة ولم يهدأ حتى حققت جميع رواياته مرتبة الأكثر مبيعاً على قائمة نيويورك تايمز.

في هذا الكتاب أربع قصص قصيرة مجمعة في “ظلام دامس، لا نجوم” تتميز بقدرتهاعلى تمثيل الخفي من الطبائع والسلوكيات بين البشر واستثماره للسيطرة على المنافع. لقد بذل ستيفن كينغ قصارى جهده في هذه القصص لكي يدوِّن ما قد يفعله الأشخاص، وكيف قد يتصرّفون، في بعض الظروف المريعة.

استوحى القصة الأولى «1922» من قصة حقيقية في كتاب يدعى “رحلة موت ويسكنسن” (1973) من تأليف مايكل ليزي ويتضمن صوراً فوتوغرافيةً التُقطت في المدينة الصغيرة بلاك ريفر فولز، ويسكنسن.

أُعجب ستيفن كينغ بالعزلة الريفية في تلك الصور الفوتوغرافية، ومظاهر القسوة والحرمان المرسومة على وجوه العديد من الأشخاص. فأراد التعبير عن ذلك الشعور في قصته. بطل القصة وِيلفْرَد ليلاند جايمس، يعترف من تلقاء نفسه، بأنه قتل زوجته، أرليت كريستينا جايمس، وأخفى جثتها برميها في بئر قديم. بعد أن خدع ابنه ليفعل ذلك. والسبب خلاف على أرض ورثتها عن أبيها.

بينما استوحى قصة «السائق الكبير» عندما كان مسافراً على الطريق 84 بين الولايات وتوقف في استراحةٍ لإحضار وجبة. خرج من الاستراحة، ليرى امرأةً قد ثُقبت عجلة سيارتها وتتكلم بجدّية مع سائق شاحنة مركونة في الموقف المجاور لسيارتها لمساعدتها. بطلة القصة “تسن” كاتبة مرموقة تلقت دعوة من دار نشر تناسب متطلباتها تماماً. تسلك “تسن” ذلك الطريق الملعون 84 فتتوقف سيارتها وتطلب من شاب ضخم مساعدتها فينقض عليه محولاً كلّ شيء إلى ظلام. في هذه القصة لن تضطر “تسن” إلى أن ترويها لأحد أبداً ولكن يُمكن أن تكتبها بعدما تحذف منها ما يجب حذفه.

أما قصة «تطويل معقول» فاستوحاها المؤلف من متجره المفضل “رجل كُرات الغولف” في بلدته بانغور، حيث يعيش، ويرى كلّ يوم رجل كُرات الغولف يذهب إلى ملعب الغولف البلدي في بانغور عندما يتحسَّن الطقس، ليجمع مئات كُرات الغولف التي تركها اللاعبون خلفهم تحت الثلج.

يقول ستيفن كينغ “عندما رأيته في أحد الأيام، خطرت على بالي فكرة «تطويل معقول». بالطبع أنني جعلتُ أحداث القصة تدور في دِيري، وهي بلدة المهرِّج المتوفى وغير المرثي بينيوار، لأن دِيري هي فقط بانغور متنكّرة باسم مختلف”. بطل القصة هنا “سترير” الذي عاش حياة قاسية ولكنه استطاع تأسيس شركة نفايات سمّاها دِيري لإزالة المخلفات وإعادة تصنيعها. كما استطاع أن ينجح في تأسيس عائلة أصبح أفرادها من أقطاب الأعلام. وبعد تجربة حياة طويلة أصبح على قناعة أن “الحياة عادلة” وأن “للأشياء طريقتها الخاصة في تحقيق التوازن في النهاية”.

وتأتي القصة الأخيرة في هذا الكتاب «زواج جيد» بعد قراءة المؤلف مقال عن دينيس رايدر، القاتل المعروف بلقب (تقييد، تعذيب، قتل) الذي قتل عشرة أشخاص – أغلبهم نساء، لكن اثنين من ضحاياه كانا ولدَين – على امتداد ست عشرة سنة تقريباً. وكان القاتل يرسل في حالات عديدة قِطعاً من هويات ضحاياه إلى الشرطة. بقيت بولا رايدر متزوجة من ذلك الوحش لأربع وثلاثين سنة، ورفض الكثيرون في منطقة ويتشيتا، حيث قتل رايدر ضحاياه، تصديق أنه يمكنها العيش معه وعدم معرفة ما كان يفعله. حيث تدور أحداث القصة حول اكتشاف امرأة متزوجة مكان اختباء زوجها السري في المرآب. وتبدأ بالاشتباه في كونه قاتلاً.

كتب ستيفن كينغ هذه القصة ليستكشف ماذا يمكن أن يحصل في هكذا قضية إذا اكتشفت الزوجة فجأة هواية زوجها المريعة. وليقول أيضاً “فكرة أنه من المستحيل معرفة أي شخص بالكامل، حتى أكثر الأشخاص الذين نحبهم”.

صدر الكتاب عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت وجاء في 528 صفحة.

مقالات ذات علاقة

سأنجو لأحبك يوماً ما

آكد الجبوري (العراق)

صدور الترجمة العربية لرواية بيت القط

المشرف العام

المكابدة المدهشة

آكد الجبوري (العراق)

اترك تعليق