المقالة

القفة… حنّة العيد

عن الشبكة

 

.. نسمات صيف وعالم ُ مكتظ . أخبار هنا وهناك ,  احتفل بيوم ميلادي دون صديقات , أسترسل في ابتسامة لا أسمح للحزن أن يفترش قلبي.

أقاوم جحافل الحزن, .. وأركض : هاهي حقول طفولتي تتموج بكل لون هاهو العيد يجيءو بنات السانية يهدرزن, كلّ واحدة تحكي عن تفاصيل العيد, وكل حين يمرق سرب من الأولاد وعلى رؤوسهم (صفر الكعك والمقروض والغريبة ) ,حتما سنناوش وسنضحك من خوفهم أن تقع تلك (الصْفُر ) , بين ضحى وعشية تفوح نسمات ويعبق الجو بروائح رغم تكرارها تظل أثيرة , رائحة”الشربة ” و”الكفتة ” رائحة “الشاهي ” والقهوة تفوح ,

لكنّ العيد فرحة, في عين هذه الفرحة نكون نحن البنيات الرافلات في الزهو بإنتظارها. وسيكون صباح رائق وتلك البنت حواء يدها تنام باطمئنان ويد أبيها تحتضن يدها تعدّها بماتحبّ , الحافلة التي تتنفس الفرح ,هكذا أحست تلك الصغيرة أن صوت الفرح يصدح , وتلك الوجوه السمراء بلفح الشمس طافحة بالبِشر والأمل , ابتسامات توزع وتحايا /السلام عليكم / كيف حالكم / والبنت غارقة في هناءة أنها مع أبيها وأنها / ستنزل لطرابلس المدينة / من هناك ستشتري “قفطان العيد ” ستمرالحافلة قريبا من “سيدي البصير ” وستعبر حيث “سيدي الميلادي ” تسمع تلك الهمهمات بالتحية وترى تلك الأيادي المعروقة تمسح الوجوه السمراء بهدوء , وستصل للمدينة ومثل كل  طفلة من السانية من سوق الجمعة ,ستشعر بذاك الفيض من الفخر والبهجة والحذر , هكذا ستشدّ يدها الصغيرة بقوة على يد أبيها وتسبح في بحر الروائح التي تفغم الهواء وتلك الألوان البهيجة المتلألئة في ضوء الشمس , محل كبير واسع أصوات وأشكال بنات وأولاد نساء ورجال, وهي تنظرتبحث وصبرالأب الحاني يؤازرها , وهناك في الأعلى ستنظروستراها ,هي التي تحب الألوان الزاهية الأصفر والأحمر والأخضر والأزرق , وكل لون يزهو على أغصان الأشجار وفي تفتح النّوار, لون العنب القاني أمّ التوت الناضج بلونٍ يصبغ أصابعها وحتى قدميها , هكذا شعّ ذاك اللون في الأعلى فأشارت بيدها .

وطريق العودة أكثربهجة , وحين كان أذان المغرب يرتفع من مآذن هنا وهناك وذاك الهدوء القدسي يوشّي السانية, كانت تلك البنت ترفل في ثوب جديد تدور وتدور في ” وسط الحوش ” وإخوتها يصفقون وأمها تضحك وجدتها تتلمس تفاصيلا كأنها

تبحث عن بعض طفولتها التي عبرت دون أن تعرفها, هكذا ستعتني بالحنة التي ستصبغ بها يديّ ورجليّ حفيدتها.

وكان يوم العيد , ومن تنسى من ينسى يوم العيد الذي يحفر في روح الطفولة بإزميل من نور, كانت السانية رافلة في زينتها “سيدي الشريف ” قبته الصغيرة والبياض الذي يتجدد فرحا بالعيد. يحرسها من مرقده قرب ” الجابية ” ,في غفوة سنسمع صوت تهليل وتكبير وأصوات الآباء والإخوة وهم يتسارعون لصلاة العيد في الجامع, ما الذي يفوح ويعبق ويجعل الهواء معطرا,الأمهات

يسارعن لإعداد الضيافة “للعِيَادة ” الذين سيأتون حتما  ” الفطيرة وعالة الشاهي خبزة الفرن  وحلاوات العيد “, وسيدة العيد “فاصوليا بلحم الخروف”.

.ونحن سابحات ومحلقات بأثوابنا الجديدة تتشابه في تفاصيلها وتختلف في ألوانها ,نتجمع “فم الحياش ” لتبدأ جولتنا الأثيرة.

الحب البهجة الضحك والأمهات البهيات والأباء الرائعون، الجدات المترعات بالشوق والأجداد الذين زرعوا في الأصلاب شجرتك أيتها الأم يا بلد الطيوب ” ليبيا “.

__________________

نشر بموقع بوابة أفريقيا الإخبارية.

مقالات ذات علاقة

جاءني يسعى!

فاطمة غندور

الشخصية الأولى في التاريخ

عادل بشير الصاري

صراخ الصحراء الصامت

عبدالحكيم الطويل

اترك تعليق