شعر

القصائد الثلاث

 

 

قصيدة لكتالوج محلات سيرس

أشار عمر إلي رجل وردى اللون

راكباً آلة قطع الأعشاب

حوله شجيرات ورد وتوليب صفراء

محاطة بنجيل لزج لماع.

أصدقاء أخي من ملاك

فيلات “جليانه” الأنيقة أبلغوه

بحاجتهم الشديدة إلى هذه الآلات.

كان سيأخذ منهم أضعاف ثمنها

ليبنى بيتاً مثلهم مطلاً على البحر.

بعينين نصف مغمضتين

وسحاب دخان السجائر حوله

كان يبدأ بالشخير تاركاً

تخطيطاته الكثيرة بدون اكتمال.

في غرفتي كنت أنظر

إلى الرجل الوردي ثانية وأحملق

في نساء لابسات سوتينات شفافة.

كم أحببت حلماتهن السوداء

ونهودهن الرمادية.

تخيلت الذهاب في رحلة

مع صاحبة العيون الزرقاء

أن نخيم في خيمة “كولمان”

(سعرها 42 دولار)

ونصطاد السمك

من الزورق المصور في صفحة (613)

بعدها نرجع لنتفرج على مسلسلنا المفضل

في تليفزيوننا الملون (27 بوصة)

المحاط بإطار من الماهوقوني

ثم نخرح بعدها لنمتطي دراجاتنا البرية

(الليمونية اللون)

عبر أحراش وغابات

لنرجع بعد ذلك إلى بيتنا

الواسع ذي (الـ 4 غرف)

لنمارس الحب

على مرتبة النوم

المصورة في صفحة (1219).

ذات صباح هبطت أنا

وأخى في نيواولينز

في رطوبتها وجوها القائظ.

رائحة المدينة أقرفتنا

وناموسها الكثيف اخترت شيش النافذة.

في أقرب فرع لمحل سيرس

تلمس أخي صدامات الآلات

المطلية بأحمرٍ كلون طلاء الشفاه

واغرق أصابعه

في راحات المقاعد الوثيرة.

كان أصغر الموديلات وأجملها

مزين بخطوط فضية وسوداء

فاحتضنه أخي كأنه

قريب طال علينا غيابه.

وبإنجليزية من اختراعه

ساوم الباعة في الثمن وأضحكهم

بنكات فظة مليئة بالإشارات.

ركبنا إحدى الموديلات

على نجيل قريب،

الشمس فوقنا ساطعة

ونسيم الصباح بارد وجميل.

أوقفنا الألة عند مطعم “موريسونز”

 و هناك أخبرتنا النادلة

أنها تشترى كل ثيابها

من محلات سيرس.

تلك الليلة نزعت ملابسها بلطف

ولامست نهديها بخدين حلقتين

تنهدت هي وشهقت انا

هواء حجرتها المعطر بأحلامي.

في الصباح أخبرتني

أنني تكلمت في المنام.

صرخت في احد ما

وسألته وعاودت أسأل:

“أي وردة تريد

أن أزرع لك

بجانب قبرك؟”

 

 

رمضـان

تنسى أمي أن تطعم حيواناتك الحظيرة

حاسبة ذلك نوعاً من العدل

ولكنها تسرع لهم عندما تسمع

الديكة وصياحها المبحوح

وتناطح جديانها على آخر حفنة من التبن

في ذلك الشهر يصبح القمر أميرة

النجوم تنش عليها بمراوح

عطارد Jupiter يسقيها كأساً من الخمر

والمريخ يغنى لها مواويل.

ورجال ملتحون حاملون مسبحات

وكتب صغيرة صفراء

يشيرون بسباباتهم إلى خصرها ؟

في بيتنا نكسر الجوع بتمر من هون

و بأكواب من اللبن الرائب.

ثم بأقداح من شوربة

بلحم الخراف ونكهة النعناع.

و منها لاطباق من المحشى

وصحون من الفول المبهر

يسبح في بركة من الزيت والليمون.

وهذه هي البداية فقط.

أرواح “الجونى والكر” و “الجن”

تختفي في صناديق السيارات

وفى ملاهي المدينة لا يقدم النادلين

الا بيرة بدون كحول

وتغطى الراقصات أجسادهن بخجل.

أب الست عشر طفلاً ، جارنا

يزورنا محملاً بكيلوين من الكعك.

يأكلها ثم يرطب عن نفسه

بدستة من أكواب الشاي الخفيف.

قبل أن يطبق الفجر عليه ، يركض

إلى إحدى زوجاته

–         كلاتهما تسمى ” فاطمة ” –

ليمارس الحب مع إحداهن بسرعة

ولا تكاد يداه تلمسان نهد.

 

 

هرم خوفو

مع كل خطوة صاعدة,

كانت الأخرى ضرورية

وكلما نظرت إلى الأسفل

بدا العالم المألوف

مكاناً خطراً.

لم انوي أبدا ًتسلق

هذه القمة.

لم يخطر ببالي أبدا

أنني سأجد ملجأ في السماء.

كانت الرمال في القاع

تسطع و تختفي

وراء سراب يغلي.

و كان السياح المعممون

بالستان الأحمر

مع الأدلة و الجمال

سيركاً علي طبق ساخن.

إذا نزلت عشر درجات

لكان بإمكاني سماع

صدي ضحكهم الواهن.

كان العالم يزحف

ببطء يكفيني

لكي أضيع واشعر بالأمان,

لكي اندهش بما نسيته:

بجوار قبور العبيد

كان والداي يجلسان

حيث تركتهما

في الظل

يروحان عن نفسهما

و يتسليان بقزقزة اللب.

__________________________________________________

*  الشاعر خالد مطاوع شاعر ليبي من مواليد بنغازي مقيم بالولايات المتحدة ، ويكتب الشعر بالانجليزية ، وهو شاعر معروف في هذه اللغة ، وقد قام بمعاونة بعض أصدقائه من الشعراء العرب بترجمة مجموعة من قصائده وينوى اصدارها في ديوان سماه ” خسوف الاسماعيلية ” .

وتتسم هذه الشعرية  – المترجمة ، بروح الشعرية السردية التى تتكئ على مفارقة السياق الشعري وكسر وتيرة السردية . وللقارئ الانطباعي تبدو الغنائية مظهرا صادحا ؛ خاصة وأن الصور الشعرية تتدفق في انسياب الحكاء مع مسروده المتكئ على الذاكرة ؛ ذاكرة الطفل المحتشدة والمنفلته . وتتقاطع هذه الذاكرة مع عين شاخصة في الوقائع اليومية والتناقضات التي تهجس بها هذه الوقائع .

ان هذه الشعرية كتالوج الذاكرة والمفارقة والطفولة الضائعة في أمانها . ولهذا فهي لا تتأمل و لا تحاكي و لا تتمرد فكأنها شعرية البياض ؛ الوهلة الاولى ..

مقالات ذات علاقة

لـوغـرتـم

تهاني دربي

سألنيِ عنكَ

المشرف العام

في عتمة المساء

عائشة الأصفر

اترك تعليق