شخصيات

الشاعر الشعبى أمحمد قنانة أم الولي الصالح سيدي قنانة

في المجلد الأول من ديوان الشعر الشعبي الصادر عن كلية الآداب ، جامعة قار يونس، كتبت لجنة جمع التراث عن أمحمد قنانة:

“هو أمحمد قنانة الزيدانى ، المشهور بسيدي قنانة ، من بلدة الزيغن، في فزان و قد ولد و توفى بها في تاريخ لا يعرف على وجه الدقة ، فكل ما يعرف عنه أنه عاش في زمن يوسف باشا القره مانللى (1795 – 1832) ، و أنه كان ذا مكانة و حظوة عنده. و بالرغم من المجهود الكبير الذي بذلته بعثة اللجنة التي سافرت إلى الزيغن للبحث عن شعر قنانة أو أية معلومات عنه ، إلا أن النتيجة لم تكن متناسبة إطلاقا مع مكانة هذا الشاعر و شهرته ، و لقد استطاع أعضاء هذه البعثة الاجتماع بأحفاد الشاعر ، و التسامر معهم في شأنه ، و لكنهم لم يتحصلوا على شي يذكر ، لبعد العهد بالشاعر من جهة ، و من جهة أخرى لما كان يستغرق أحفاد الشاعر من إحساس غير عادى بالتبجيل و الاحترام ، يحفزهم للتأثر بذكراه ، و يستل منهم الدموع و الهيبة ، و يطغى على ذاكرتهم . و ربما كانوا لا يميلون إلى التفكير به على أنه شاعر ، و يفضلون رؤيته كولي من أولياء الله الصالحين. و هذه الفكرة ليست مستبعدة ، فكثير من الناس صاروا ينظرون إلى الشاعر على أساس أنه ولى تقي صالح . و قد جعلوا له ضريحا ، و هو موجود للان و معروف ببلدة الزيغن و شاهده أعضاء البعثة مشاهدة عيان . و لقد بلغت شهرة الشاعر حدا لا مزيد عليه . و نظرا لتقادم عهده تطور أمره إلى أن تحول إلى ما يشبه الأسطورة ، و صار البعض يشكون في وجوده أصلا . غير أن ثمة شواهد مؤكدة تنفى هذه الفكرة . فقد اتصلنا بأحفاده شخصيا ، و شاهد أعضاء بعثة اللجنة إلى الزيغن بيته الذي كان يسكن فيه ، و ضريحه الذي دفن فيه ، كما أنا تحصلنا على و وثيقة بخط يده .” انتهى الاقتباس

عاش أمحمد قنانة إذن في الفترة التي حكم فيها يوسف باشا القره مانللى و يقال بأنه كان مقربا له . و نحن نعرف بأن عهد يوسف تميز بصراع مع الأمريكان و أسر السفينة فيلادلفيا و مولد البحرية الأمريكية على الشواطئ الطرابلسية ، كما كانت طرابلس مركزا تجاريا مهما مع وسط إفريقيا . كانت القوافل تصل طرابلس بمتوسط ثلاث في السنة من الدول التشادية و تمبكتو و شمال بلاد الهوسا عبر مرزق و غدامس حاملة العبيد و تبر الذهب و العاج و ريش النعام و جلود الحيوانات و التمور و غيرها من منتجات افريقية و ترجع بصادرات اروبا من أسلحة و ذخائر و أنية زجاجية و منسوجات و أيضا من منتجات الساحل الطرابلسى . كانت تجارة الترانزيت في أوج ازدهارها ، و كانت السفن الفرنسية لها الحظوة في النقل البحري للعبيد . و كانت البحرية الليبية تحت قيادة الريس مراد الاسكتلندي الأصل الذي اعتنق الإسلام و أصبح زوج بنت الباشا أي صهره ، و كانت الدولة الناشئة الولايات المتحدة الأمريكية تحسب لهذه البحرية حسابا.

كان سكان طرابلس يعيشون في كنف هذا الازدهار التجاري و ما تجلبه بحريتهم من غنائم و من إتاوات ، و كان سكان الدواخل جياعا و نصف عراة و يدفعون ضرائب باهظة . كانت هناك العظمة و الرفاهية و الشبع للقليل ، و كانت هناك الضعة و الحقارة و المعاناة للكثيرين .

عاش أمحمد قنانة في هذا المحيط ، و تجول كثيرا و لا شك أنه رأى كثيرا و كانت هذه الخلفية الدرامية كما يقول د. محمد محمد المفتى في كتابه ” الوطن الذي يسكننا “، و كانت هذه الخلفية تشمل ” صورة الرقيق ، الظلم ، الغربة ، التجارة ، السلطة ، و هكذا حكي عن غربة الإنسان ، و عن حسرات الإنسان و خيباته ، التي تتكرر في كل زمان و مكان ” …… هكذا أصبح شعر امحمد قنانة على كل لسان و فى كل بيت يتداوله الرجال و النساء ، اصبح جزءا من الوجدان الشعبى و الذاكرة الجماعية .

في قصيدته ” ليام كيف الريح ” التي فيها إقرار بالقدر ، يقول

ليام كيف الريح في الدرجاحة

مرة شقا الخاطر و مرة راحة

أوقات نخدم بيدي

و أوقات كاثرين عبيدي

و أقوات عشر كباش يبدأ عيدي

و أوقات ما نكسب ولا صياحه

وفى قصيدته ” تركناه حب الوطن ” عن غربة الإنسان عن وطنه يقول

تركناه حب الوطن نمشوا منه

بلا مال لا هو فرض و لا هو سنة

تركناه للفلاحة

و تركناه للي طالبين الراحة

و قولوا لبو سالف كما الدرجاحة

بلا مال حتى اريادنا عافنا

ترك سياسة

ما هو جفا من وطننا و لا ناسه

مفات من تفاكير الزمان و باسه

ليام فى دولاتهن داسنا

تركناه للفتفاته

تركناه للي يعرفوا معناته

و صغر الكلام يولد كباراته

و كبر الكلام يوحلك فى غنة

و فى قصيدته ” ضيقة الخاطر و الحيا المرمادة “عن الغنى و الفقر و غربة الإنسان عن الآخرين يقول

ضيقة الخاطر و الحيا المر مادة

تشيب صغير السن قبل أنداده

الحيا المذمومة تشغشب على أبنادم تطير نومه

بلا مال بوجلجل يولى البومة

و بالمال بوحام فات العادة

بالمال حتى الخايب

يجو معاه جملتهم شباب و شايب

و أما قليل المال قالوا سايب

يمشى يكر الفحم للحدادة

و فى قصيدته ” عزمت عيني ” يحدثنا عن بعض الحكم

عزمت عيني عزمها سادبها

رفيع شوفها تظهر على منسبها

عزمها بالنية

و صبرت على فرقا العزيز على

و اللي قرض ما نال غير السيه

و نال الحشومه و زينتها خربها

الكحل حجرة اللين تسقيمة

و بلا لين حتى العين ما يركبها

و روس العرب فى العرف ماى غشيمة

تدارى على سب القفا جانبها

__________________

المصدر

مقالات ذات علاقة

الراحل صلاح عجينة

المشرف العام

عبدالحميد البكوش.. ومشروع شخصية الوطن (1)

سالم الكبتي

حدث في مثل هذا اليوم: رحيل الشاعر سعيد سيفاو المحروق

محمد عقيلة العمامي

اترك تعليق