دراسات

الجهادييون يجتاحون الشرق الأوسط.. جهاد القتال لا يكون إلا في الثغور وجهاد الدعوة بالطرق السلمية يكون في كل مكان

 

المقدمة:

إن استنطاق الحالة العامة للعرب والمسلمين في العالم تبين أن الجهاديين يجتاحون الشرق الأوسط ويكسبون زخما وقوة يوميا. وان الظروف أصبحت تدفع بالأحداث إلى تلك الناحية. وكل هذا بسبب غطرسة أمريكا وتدخلها في شؤون الدول العربية .

إن الجهاديين أصبحوا يتقوون وذلك لما طرأ على نظم الدول العربية والإسلامية الحالية من ضعف ووهن وتعفن وليس منهم من يستمع لشعبه. وإنما يستمعون إلى قوى خارجية ووشوشة كواليس البيت الأبيض. وما فتئ حاكما عربيا أو مسلما أن يسمع اسمه يتداول بين احد أعضاء الكونجرس الأمريكي, إلا ومات رجفا من الخوف مما ينتظره من عقوبات اقتصادية, وغزو مسلح إن لم يلبي الطلبات الأمريكية. كل هذا يحدث والشعب العربي غيب نفسه, وان لم يفعل ذلك فقد غاب عن الساحة السياسية بسبب حكامه الذين منعوه من المشاركة في الحكم. وأصبحت الساحة فارغة من كل من يريد أن يغير الأوضاع إلى الأحسن. وكل من رغب في الإصلاح السياسي أما أن يجد مقاومة من قبل النظام الذي يدور في فلك الدول الكبرى أو يجد معارضة من الدول الكبرى.

استرداد ما اخذ بالقوة:

الجهاد في نظر العامة هو الحل لتخويف أمريكا ومن يقف وراء أمريكا وهم في ذلك يقولون “ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”  إن أمريكا اكبر قوة في العالم وإنها إمبراطورية القرن العشرين. ولعلها تستمر في القرن الواحد والعشرين لزمن وقد لا يوجد توازنا في القوى  بسبب هذه الهيمنة. ومن أراد أن يحدث توازنا فلتت منه زمام الأمور وركع لأمريكا التي أصبحت المتجبر في هذا العصر.

وكما يرى كل مراقب أن العلمنة أحادية القطب هي الدكتاتورية العالمية الحديثة التي لا هم لها إلا حماية مصالحها ورعاياها ومن يتبعها وفرض ما يحلو لها بدون رقيب أو رادع. أما حقوق الإنسان فتضرب بها عرض الحائط وتوظفها عند ما يحلو لها وتتركها عند ما تتعارض مع مصالحها.

وللمراقب على ما يجري في الساحة السياسية يرى أن الأمريكان لا يطبقون قوانين حقوق الإنسان وإنما يخرقون كل حق للإنسان.

فلسفة القتل عند الجهاديين:

فكيف يسمح المسلح لنفسه بان يقتل أنسانا مهما كان وما الدوافع التي يمكن أن يكون هذا الإنسان قد ارتكبها حتى يستحق القتل؟

فهذا الجهادي إنما هو إنسان مؤمن يحب الخير للناس. وقد انقلب إلى العكس في تصور الكثير! وان كان يقول انه يقتل باسم الله. وان الآيات الصريحة في عدم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق واضحة جلية.

فكيف انه يفجر نفسه ويفجر من بجانبه من الناس البريئين. وكيف يقتل الأسير الذي حرم الله أن يقتل. فقد تكون فلسفتهم بان كل من لا يتفق معهم ينظرون إليهم كعدو لأفكارهم. ولكن الإسلام لا يجيز القتل بسبب اختلاف الرأي وإنما يشجع الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

فقد عاش الرسول صلى الله عليه وسلم دهرا بين الكافرين يدعوهم إلى الله. وفي غياب الخلافة الإسلامية يتساوى الأمر مع عهد رسول الله في مكة. فالقتل لم يأمر به المسلمين إلا بعد أن ظُلموا: الحج39. “أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير”

ومن هنا نستشف السبب الذي يحارب به المجاهد ويفجر نفسه إلا وهو الشعور بالظلم! ومن هنا يجب أن يطالب كل مراقب سياسي وهيئات حقوق الإنسان بان تعطى حقوق الإنسان كاملة وعلى عجل ورفع الظلم عن الناس. ونطالب كل الحكومات بان تعطي حقوق الناس بدون تجريم إنسان على آخر. فحق ممارسة الدين وحق العيش بأمن وأمان وحق الطعام والكسوة والمسكن والنفقة لكل عائلة وحق الانتخاب الحر بدون تدخل من الحاكم. وبدون تهميش الإسلاميين وابتزازهم والتسلط على حقوقهم في الانتخابات البرلمانية. ويكفي لحكام العرب والمسلمين الضحك على الذقون ويجب أن يتـنحوا عن مناصبهم لمداولة الحكم بالطرق السلمية بدون الانقلابات العسكرية والهجمات المسلحة وليروا غيرهم في الحكم وهم بعيدين عنه تماما. فقد يكون هذا هو السبيل الأمثل لإيقاف هجمات المهاجمين المسلحين. أزيحوا الظلم عن المظلومين ليس لمنفعتكم الخاصة ولكن للمنفعة العامة.

ستار الديمقراطية:

وان كل من عكف على أسباب الحروب وجد إنها تنشب من اجل إرغام دولة ما على تصرف ما, أو أحداث تغيير في الأيديولوجية أو السيطرة على مصادر الاقتصاد. والمراقب للوضع يرى إن النظام الأمريكي إنما هو غزو اقتصادي استعماري صليبي يستتر تحت غطاء الديمقراطية المتامركة والمنحازة لمصالح اليهود والأمريكان. وان ما يفعلوه في الشرق الأوسط هو زرع عملاء لهم لضمان استمرار التبعية للغرب.

وقد يرى المجاهدون إن العالم كله ضد الإسلام متمثلا في أمريكا ومن وراء أمريكا من أوروبيين و حكام عرب ومسلمين.    وقد يرى كل من أراد الجهاد أن حكام العالم العربي والإسلامي لا يمثلونهم وإنما هم سفراء أوروبا وأمريكا لحماية الاستعمار الفكري وضمان التبعية المباشرة للغرب.وهذا اعتقاد خطير حيث إنهم يستحلون الحاكم وكل من في زمرته من شرطة وجيش وامن لأنهم جزء من جهاز الحكم الظالم بالنسبة لهم.

دولة فلسطين المنتظرة:

وإنهم قد يرون إن العالم ظالم وجائر ولم يعطي حقوق الفلسطينيين وان مهما تنازل الفلسطينيون عن حقوقهم فإنهم سوف لن يقيموا دولة وسوف لن يعيشوا بسلام. وان الحل الوحيد هو إرعاب المستعمر بالجهاد ضدهم.

ويرى كثير ممن يرى الجهاد إن قصة الحرب الصليبية التي حاربها صلاح الدين الأيوبي لا زالت تدار إلى يومنا هذا وان الحكومات تنقسم إلى قسمين:

1 حكومة متعاونة مع الصليبيين.(الغرب وأمريكا)

2 حكومة اصطناعية وضعها الصليبيون لينفذوا مشاريعهم في تفريق الأمة الإسلامية ( مثل العراق وأفغانستان).

وبهذا فقد صنفوا الحكومات إلى حكومات أقمارا للصليبيين. وإنهم سوف لن يقوموا بأي عمل فيه خير للأمة الإسلامية وإنما هم في الحكم لتنفيذ جدول الصليبيين. ومن ثم يروا انه وجب مجاهدتهم وإسقاطهم.

وانه قد يكون بسبب ضعف الأمة الإسلامية وإنها تستـنزف في كل مكان و ذلك بسبب قلة القدرة على الصمود والتصدي لأمريكا وبريطانيا ومن معهم. وقد يروا أن الطريق الوحيد هو أن تقوم شعوب العالم الإسلامي ككتلة واحدة ضد مطامع الغزو الثقافي والصليبي للعالم الإسلامي.

مجلس الأمن وتقسيم الكعكة:

إن الجهاديين قد يرون أن فكرة مجلس الأمن إنما هي فكرة تعين الدول الكبرى على الاستمرار في السيادة والهيمنة على العالم وانه لا يمكن أن يكون هناك عدل في وجود مجلس الأمن.

فإذا غزة أمريكا دولة ما قامت بريطانيا لمعونتها وقامت فرنسا بمعارضتها وقامت روسيا بمعاداتها. فأمريكا تلتقم الدولة وتأتي فرنسا فتعارضها وتريد أن تقف في طريقها وتأتي بريطانيا لتقنع فرنسا بأنه سوف لن يكون لها في الكعكة نصيبا إلا بالموافقة على ذلك التدخل. وتأتي روسيا تقف في طريقها فتقنعها بريطانيا أن هؤلاء من سوف يحاربونكم في الشيشان فالأفضل أن تتركوا الأمريكان يقومون بالعمل الوسخ في إزالتهم بدون عناء منكم.

وهكذا يرى المجاهدون أن مجلس الأمن هو مجلس استعماري بطريقة حديثة ترضى الدول الكبرى ولا ترضي غيرهم.

وقد يرى المجاهدون إن حل الأمم المتحدة هو السبيل لإسقاط الحق الشرعي الذي طالما تلوحه الدول الكبرى في وجوه حكام العرب.

لغة الحوار بين الجهاديين والمغتصبين غائبة:

إن أي حركة سياسية تريد أن يكتب لها النجاح وجب عليها أن يكون لها تمثيلا دبلوماسيا وهو أن يعلن الجناح العسكري بان هناك جناحا

دبلوماسيا يمثل الحركة ويفاوض عنها, يكون منفصلا تماما عن جناحها العسكري. فالكر والفر العسكري لابد من أن يتبعه كرا وفرا دبلوماسيا يرتقي إلى مستوى التمثيل الدبلوماسي واللهجة اللبقة والأسلوب الدبلوماسي المعهود الذي قد يوصمه بعض المجاهدون بأنه تملقا ونفاقا, وذلك لقلة فهمهم في اكتساب الحركة قدرتها على التأثير على الرأي العام الإسلامي. فصيغة التهديد والتحامل على العدو قد تجعل العدو يدمر الأخضر واليابس ولكن بالدبلوماسية المتعقلة تجنب بلادك ويلات الحرب وتحصل إلى ما تصبو إليه بدون عناء يذكر.

الثغور:

إن الإسلام يمنع الحرب في ارض لم تكن ارض حرب.

وانه يمنع قتل الأطفال والنساء والشيوخ وذا العاهة. وان نصر الله لا يتوفر إلا إذا احترمت أخلاقيات الحرب في الإسلام. فمعاملة العدو البشعة لأولادنا ونسائنا لا تسمح لنا أن نحول المعركة إلى المدن المؤهلة بالسكان. ولهذا وجب على من يحارب تحت غطاء الإسلام بان لا يخرم قوانين وأخلاقيات الحرب في الإسلام وإلا فالإسلام منه براء.

ومن هنا نرى أن المسلمين قد ضيق عليهم في أوروبا وأمريكا بسبب تصريحات كبار القاعدة. وأصبحت الصلاة تهمة ضد المسلمين في الغرب. ومن هنا يجب أن نتفهم قوانين الإسلام في الدولة التي تسمح بالدعوة إلى الله بان لا تحارب. فان الجهاد أساسه أن الدولة تمنع الدعوة إلى الله. وقد يسال سائلا إذن أين نقاتل العدو والإجابة على هذا إن مقاتلة العدو لا تكون إلا في الثغور. فمثلا أفغانستان العراق فلسطين ولبنان وأي دولة يحل فيها الجيش المستعمر ولكن لا يجوز التعرض للمدنين  منهم إلا الجواسيس.

بن لادن وقصة الخوف المصطنعة:

إن قصة الخوف التي ألبست بن لادن وتابعيه بأنهم يرعبون العالم وأمريكا إنما هم من البشر وإنما وضعوا في قالب الرعب لان الأمريكان يريدون تبرير تدخلهم في الشرق الأوسط والشرق البعيد.

فان بن لادن لا يقوى هو وجماعته وأمواله وأموال من يتبرع لهم على إرهاب أمريكا. وإنما الأمريكان هم الذين ارونا كيف أنهم يرعبون العالم وإنهم يستطيعون تضييق الأرض على كل من عاندهم أو أراد أن يحاربهم.فالقنابل الذكية والعنقودية والفسفورية واليورانيومية والقنابل الحارقة والتي تدخل إلى أمتار من الأرض قبل أن تنفجر . والطائرات

السريعة والدقيقة الإصابة والصواريخ التي تدمر وتعيد التدمير ووووووو……….و.

فبكل المقاييس العالمية لا يوجد تقاربا بين قوة أمريكا وضعف بن لادن . وانه يؤخذ على بن لادن وطالبان إنهم بقوا خمسة أعواما في حكم أفغانستان ولم يستطيعوا أن يصنعوا قوة رادعة تمنع الغزاة. وفي فترة حكمهم عادوا دول العالم باجمعه وعادتهم دول العالم باجمعه تماما مثل ما فعل صدام بنفسه. وانه قد ينفع أن يكون مناصريك من عامة الشعب ولكن ضروري أن يكون لك أنصارا من الدول الأخرى في العالم.

خطر الحرب أو السلم:

فالآن أصبح الحرب ضد أمريكا ضربا من الخيال لقدرتها على إنهاء عدوها بصفعة لا يمكن معها إلا أن يترك عدوها ميدان المعركة للأمريكان. ومن جهة أخرى نرى أن السلم إنما هو رضوخا للمسار الأمريكي الذي يفرض عليك أن تتخذ سياسة القمر الذي يدور في فلكهم . وبهذا فان ما نراه على الساحة من حركات جهادية تريد أن تـنال من الأمريكان إنما هو نتاج هيمنة الأمريكان على سياسة العالم واقتصاده وتسخير كل من هو في الدول الأخرى لخدمة الإمبراطورية الأمريكية.

إن بن لادن يعطي للغرب ولحكام العرب المبرر لمقاومة كل تحرك يريد الإصلاح أو لا يحبذه الحاكم. وقد رسخ الصورة التي طالما رسموها للمسلمين بأنهم يقتلون الناس وأنهم لا يؤمنون إلا بالقتال من اجل الدعوة إلى دينهم. وهذه هي المشكلة التي نواجهها الآن. حيث إن بن لادن ليس له من القوة ولا الحيلة إلا أن يوظف بعض الشبان الذين يعيشون في الغرب لضرب منشأة ما. وهي سوف لن تأتي بثمار يمكن أن يقال عنها إنها أودت بالعدو. ولكن الضربة التي لا تقصم ظهر العدو ستقويه. ومن هنا لابد من عمل محسوب آخره. فلا يحق لأي استشهادي أن يضيق على الدعاة إلى الله باستشهاده.

وخلاصة القول انه:

1. يجب إتباع لوائح الحرب في الإسلام وهي ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وابوبكر وعمر رضي الله عنهما في آداب الحرب.

2. عدم التعرض لمن هو اعزل من السلاح.

3. إظهار حقيقة الدعوة في الإسلام بدون مقاتلة أولا.

4. وان أمريكا بجيوشها الجرارة قد خسرت الحرب في العراق وأفغانستان ضد الجهاديين فيجب أن ينظر حكام العرب والمسلمين إلى الإسلام السياسي كحل.

5. استعمال الكر والفر السياسيان والمشاركة السياسية والرضوخ لمطالب الشعوب العربية والإسلامية.

6. إعطاء الحكم لمن يفوز في الانتخابات الحرة بدون التسلط على الجماعات الإسلامية وحقها في إحراز النصر أو تهميشها بوضعها تحت حزب آخر أو إقصاؤها.

7. مداولة الحكم سلميا: إعطاء فترة خمس سنوات كاملة لمن يفوز في الانتخابات. فان كان الإسلاميون هم الفائزون في الحكم وجب أن يبرزون نجاحهم أو فشلهم في إدارة حكم البلاد في هذه الفترة ثم تكون هناك انتخابات حرة في نهاية الخمس سنوات.

8. احترام حقوق المواطن وخفض الجناح للمسلمين بدون ذلة.

مقالات ذات علاقة

عروض الخليل بين ناقديه،الجزء الأول

عادل بشير الصاري

جماليات اللغة التصويرية والانطباع الحسي في شعر (مفتاح ميلود)*.. ديوان أنفــاس (أنمودجا)

المشرف العام

مثقف سبعيني بين طرابلس والقاهرة والسجن ومدريد

المشرف العام

اترك تعليق