من أعمال الفنان التشكيلي علي الزويك
قصة

الانقسام

 

ذات يوم بادرتني طفلتي الصغيرة ذات الخمسة أعوام ، بسؤالا مباغتاً عن معنى كلمة الانقسام التى تتردد في قنوات إخبارية عديدة ..

فسارعت أختها التى تكبرها بعامين بطلب إجابتها بدلا عنى.

رددت في نفسي متمتما : لابأس دعها تحاول الإجابة

وسمحت لها بمحاولة الإجابة

فقالت مجيبة عن سؤال أختها :

كنا يابابا ندرس بشكل طبيعي انا وبقية التلميذات (كلنا) طوال أيامنا في الصف الأول الابتدائي ، كان يسودنا جواً من الألفة والصداقة والمحبة …

كنا نتتظر بعضنا البعض قبل البدء في التراص اليومي ، نحيي العلم مع بعض ،نجلس مع بعض قبل مجي المعلمة وبدء الدرس ، نستعير كتبنا من بعض ، نكتب دروسنا ونتشاور في حل واجباتنا وفروضنا مع بعض ، نحكي عن رسومنا المتحركة المفضلة كذلك يابابا، كان الجو رائعاً يابابا.

…مضت السنة الدراسية بكل ود وحب وانسجام..

ولكن بظهور النتيجة وجدنا الكل يحمل تقديرا عاليا الا وهو ممتاز غريبة ثلاثين تلميذة نجحن بإمتياز، لم أفهم يابابا ، هناك من كان يأتي متأخراً، هناك من كان يتغيب ، هناك من لا يستطيع إجابة التطبيقات ، وكانت غلطة في سوء إدارة المدرسة التى منحت بنات المعلمات، وابنة صاحب الأرض التى شيدت فوقها المدرسة التقدير نفسه … الممتاز ، وهو نفس تقدير التلميذات المجتهدات ، كان ذلك مجاملة وتصرف مؤسف جدا من طرف إدارة المدرسة …يابابا

ثم جاءت السنة الثانية فبدأ الانقسام …!.

سألتها كيف ؟

قالت :

قسمتنا المُعلمة ورائدة الفصل والأخصائية الاجتماعية في اول يوم دراسي جديد، على المقاعد الدراسية في الفصل بحسب النتيجة الفعلية.

لكن الكل احتج وبدأ يتصارع على المقاعد الأمامية ، بعد خروج المعلمات، لانه حسب اعتقاده أنه قد نجح بإمتياز فعلاً حسب النتيجة المعتمدة !!

.. لكن المعلمات كن يعرفن ما جري العام الماضي وكن يعرفن، ماذا جري في ردهات الإدارة إثناء اعتماد النتائج السنة الدراسية الفائتة بالتحديد، كذلك هن يعرفن من هو الذي اخذ درجته ونتيجته بكفاءة، فأشادت به ووضعته في المقاعد الأمامية، أما ابنة صاحب الأرض التى شيدت فوقها المدرسة وبنات المعلمات الأخريات صفتهن في مقاعد خلفية الى حد ما ولكنها كانت منصفة بحسب اعتقادي فهن كثيرات الغياب ويهملن في كتابة فروضهن في بعض الأحيان.

وهنا بدأنا ننقسم يابابا

لم نعد نلعب كلنا مع بعض، لم نعد نقترض أو نتبادل أقلامنا ولا باقي أدواتنا الدراسية من بعض ، لم نعد نحكي لبعض عن رسومنا المتحركة المفضلة، بل تطور الأمر الي أن هناك شكاوي وفتن ومشاجرات وضرب من وراء معلمتنا

اصبحنا منقسمون… يابابا أصبحنا منقسمون

اليس هذا هو الإنقسام الذي سألت عنه أختى ؟

أدمعت عيناي وطأطاءت رأسي لأخفي دموعي التي تقاطرت من تحت النظارات السوداء ودست على البنزين متجاوزا كذلك الإشارة الحمراء،دون أن أدري.

مقالات ذات علاقة

لحظة بلحظة

سالم العبار

فحمة التاقزة

المشرف العام

أقاصيص.. أقاصيص!

محمد زيدان

اترك تعليق