قصة

آلامٌ، لن تنتهي!

– كم من الآهات سوف تبتاع؟

– لم يزل ثمّة آهات تُشترى، كلها ذهبت سدًى!.

ثمّ أدار ضهره إلى صديقه الذي يشبه البط في شكله، متوجها إلى بلاد الواك واك.. وعرض عليه صديقه الذي يمسك بسيفه الخشبي ويعتلي سيارته الحوت، عرض عليه أن يجعل منه آلهة في بلاد الواك واك.. لكنه وبالرغم من أن جسمه النحيل قد خرّت منه جميع الآهات التي اشتراها منه، إلا أنه رفض العرض الفاتن الذي عرضه عليه صديقه، وظلّ في طريقه الذي اختاره لنفسه.. طريقه إلى بلاد الواك واك.

ظلّ يمشي في طريقه وعيناه مغروستان في الأرض.

وبمجرد وصوله إلى بلاد الواك واك، بعد رحلة زمنية طويلة انقطعت فيها جميع أنفاسه، وظلّت فيها عيناه مغروستان في الأسفل، وبقيت آهاته في خبر كان، فأصبح الصمت متمركزا في فمه.

وظلّ يمشي.. ويمشي..

حتى لاقته عجوز شمطاء تقول بأنها تعلم ما في الغيب، وأنها تملك كادرًا من الجنيين والجنيات الصغار الذين لا يكلون ولا يملون، فبدأت في عرض خدماتها وما تستطيع أن تفعل.. (أنا لا أريد أن أرى ما سوف يحدث في المستقبل، فقط أغربي عن وجهي!).. ولكن العجوز استمرت في عرض قدراتها.. وعندما رأت أنه لا يكترث لما تقوله.. أخذت تقول له: (إن الله سوف يفتح بلادكم فتحة لا انغلاق فيها.. وسوف تمتلئ بلادكم بلاد الواك واك بالشركات، والمؤسسات، والوكلاء المعتمدون، وبالمقاولين المتخصصين في تحفير الطرقات، وبالمطاعم التي تبيع شطائر لحم الخنزير الطيّبة، وبالحانات التي تبيع البيرة اللذيذة، وسوف يجمع الملك كل ليلة خميس رعاياه ليدعهم يقولون ما ينقصهم..).. وتنفرج أجفانه، وتتفتح عيناه، وتعلوا مقلتيه علامة أمل (حقا سوف يفعل الملك كلّ ذلك؟) قالها بشغف لمعرفة الإجابة.. وتكمل العجوز: (سوف يمسك بورقة وقلم، وسوف يجلس في أعلى مكان في القاعة، وسوف يكون الشعب جالسا أمامه، وسوف يأمرهم بسرد شكاويهم التي لا تنتهي..).. (أحقا سوف يحدث ذلك؟) قال هو.. تعقب العجوز: (نعم، نعم، وسوف يكون ثمة شعب يجلس بين الشعب؛ ليحمي الملك، وسوف يكون حراس يمسكون بسياط لحمايته، الله يحميه.. و..).. أعاد هو نظره إلى الأرض.. فيما ظلت العجوز الشمطاء تهذي.. تهذي مثل نافورة حكومية موضوعة أمام فنادق ومحلات الملك..

وظلّ يمشي.. ظلّ يمشي..

ظلّت عيناه موجهتان إلى الأرض.. وعقله في السماء.. وحذائه الممزق يقوده إلى حدسه في نسقٍ سريع.. في نسقٍ سريعٍ جدًا!.. فيما ظلّت شفتاه ترددان بلا كلل: (اللّهم أمطر عليّ حذاءً جديدًا يقودني بسرعة إلى حدسي الذي تريد، أو فلتفتح لي ممرًا يقودني إلى بلاد أخرى غير هذه البلاد، وإن كانت في قاع الجحيم! ).

ساربروكن /ألمانيا

13.أغسطس.2006

مقالات ذات علاقة

من لا يحب الزهور شريرٌ ..

المشرف العام

قصة أحدب القرية

المشرف العام

عابرات الصحراء

المشرف العام

اترك تعليق